كيف أصبحت الهند قوة اقتصادية؟

[email protected]

إننا اليوم ونحن نعيش فترة ذهبية ونقلة نوعية في تاريخنا الاقتصادي من خلال الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية, هذه النقلة تجعل من الضرورة بمكان استقبال الاستثمار الأجنبي بنظرة تفاؤلية عكس ما يردده البعض من التقليل من شأن ذلك الاستثمار وعدم جدواه على الاقتصاد المحلي مع إثبات مشاركة ذلك الاستثمار في إثراء الناتج المحلي وتوازن ميزان المدفوعات بشكل يسهم في استدامة النمو. هذا الإثبات يجعلنا في أمس الحاجة إلى تطوير اقتصادنا بشكل يضمن تنوعه والبعد عن كوننا اقتصادا أحادي المنتج يعتمد كليا على الصناعة النفطية تلك الحاجة التي يجمع الجميع على إيجابيتها لضمان الاستقرار والازدهار في هذا البلد والتي تبنتها جميع الخطط الخمسية الماضية.
ونحن حين نتحدث عن الاستثمار الأجنبي ونؤكد فائدته فإننا إضافة إلى قناعتنا بجدواه فإننا نعتمد على تجارب دول كثيرة كانت في يوم من الأيام أضعف منا اقتصاديا وأقل منا ميزا نسبية وتنافسية ولكنها استطاعت أن توظف الاستثمار الأجنبي التوظيف السليم وتستفيد من تواجده على أراضيها جغرافيا لتجيره لصالحها اقتصاديا.تلك التجارب يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار على جميع الأصعدة وتكون مقياسا مهما في تقييمنا للتجارب المحلية ودليلا حيويا في طور حكمنا على ذلك الاستثمار.

اليوم أعتقد أن الاستثمار الأجنبي هو خيار مهم في سبيل التطور وأجد نفسي ملزما بإيراد بعض الأمثلة التي قد تساهم في دعم وجهة النظر المؤيدة للاستثمار الأجنبي، التي أرى أنها تحمل قيمة إضافية لأي طرح في هذا المجال. إضافة إلى كما أسلفنا أن هذه الأمثلة هي مقياس يجب ألا نغفل عنه عند تقييمنا للاستثمار الأجنبي لأن تلك التجارب تساعدنا على فهم إيجابيات وكذلك سلبيات الاستثمار الأجنبي فعلى سيبل المثال نجد أن الهند رفضت الاستثمار الأجنبي لمدة 50 عاما، أي منذ استقلالها عن بريطانيا 1947 م وحاولت الكثير والكثير في سبيل تطوير اقتصادها ذاتيا دون الاعتماد على رأس المال الأجنبي على خريطتها الجغرافية إلى أن تفهمت أهمية ذلك الدخول ففتحت أبوابها على مصاريعها لاستقبال الاستثمار الأجنبي فبدأ بلد 950 مليون نسمة في ذلك الوقت نصفهم لا يعرف القراءة والكتابة يمثلون 40 في المائة من سكان المعمورة الذين يعيشون تحت خط الفقر. أقول بدأت في التسعينيات الميلادية في تقبل الحاجة إلى الاستثمار الأجنبي وذلك من خلال تعديل الكثير من الأنظمة التي كانت تعوق ذلك الاستثمار، تلك الأنظمة المدعومة ببرنامج خصخصة كبير لكثير من قطاعات الدولة. ذلك الدعم الذي ساهم بشكل كبير في تسهيل الإجراءات وتهيئة بيئة استثمارية صحية للاستثمار دفع بها إلى نمو بنحو 6 في المائة سنويا خلال الفترة من 1999 إلى 2002، ذلك النمو كان المؤشر الأقوى على أهمية الاستثمار الأجنبي في اقتصاديات الدول فبعد أن كان 150 مليون دولار في عام 1990 ارتفع إلى 3.5 مليار في عام 97 ليصل إلى نحو 5 مليارات عام 2002 ولا يزال ذلك الارتفاع مستمرا بوتيرة كبيرة وهو اليوم أكثر من 6 مليارات دولار حسب إحصائيات عام 2004 وهو ما يفسر ارتقائها في سلم أكثر الجهات المفضلة للاستثمار الأجنبي.
اليوم الهند هي الدولة الأقوى في صناعة البرمجيات وكثير من الصناعات الأخرى، ذلك التغير دفع بالكثير من الشركات العالمية لأن تتخذ من الهند مكاتب خلفية لإدارة عملياتها. ذلك الزخم من الاستثمار فتح الكثير من فرص التطور وإيجاد الكثير من فرص العمل للمواطنين بخلاف الصورة المشرقة للهند اقتصاديا لتضع نفسها في المرتبة العاشرة حسب التصنيف الأخير للبنك الدولي لأضخم اقتصاديات العالم.
إننا ونحن نورد الأمثلة نؤكد أن لكل دولة ظروفها ومميزاتها النسبية والتنافسية, ونؤكد أن بلادنا تملك الكثير منها، مما يجب أن تسخر لمصلحة هذا الوطن لضمان الاستمرارية في نمونا الاقتصادي من خلال التنوع الإنتاجي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي