طـــــــــــائرة بلا وجهــــــــــة !

لو قرر طيار أن يقلع بطائرته الخاصة من مطارٍ ما في العالم إلى وجهة غير معلومة، وفعلاً استعد هذا الطيار وأخذ يشغل محركات طائرته وتوجه إلى المدرج، وما هي إلا دقائق وحلقت هذه الطائرة دون تحديد لوجهة الوصول ودون استعانة بكفاءة ومعلومات الملاحة الجوية أو أجهزة الطائرة إلا في وقت الإقلاع ، فما مصير هذه الطائرة ياترى !
هناك احتمالات كثيرة منها أن يصطدم بطائرة أخرى لعدم اتباعه واستخدامه معلومات الملاحة، أن ينجح في التحليق ولكن كما قلنا سابقاً دون وجهة ودون استخدام أجهزة الطائرة فينفد وقودها وتسقط، أو ربما ينجح في التحليق والهبوط في مكان، لكن بما أنه قرر الهبوط في مكان ما فحتماً وصل إلى مكان ما أي غير معلوم ... هذا هو حالنا وحال عقولنا ! فعقولنا ما هي إلا طيار والطائرة هي أجسادنا وركابها هم من يرتبطون بنا مصيرياً كعائلاتنا ومن ندير أحياناً .
دائماً ما نواجه أناساً لهم خبرة طويلة في أي من مجالات الحياة ولكنهم دائماً غير راضين ومستاءون على أحوالهم وكثيراً ما ينسبون ذلك للحظ، القدر، أو الوضع الاجتماعي الذي يعيشون فيه، لكن الحقيقة هي أنهم قرروا أن يصلوا إلى أي هدف " أقلعوا دون وجهة معلومة " ولذلك وصلوا إلى مكان ما ..
كتبت في مقالي السابق للوصول للهدف الحلم يجب علينا أن نضعه أمام أعيننا وأن نعيشه ونطعم حلاوته قبل الوصول إليه كي نثابر ونجتهد للوصول إليه.
اعلموا أعزائي أن كل منا ميزه الله عن غيره من البشر بميزة أو ميزات يستحيل أن تراها بالقوة نفسها 100 في المائة في أناس آخرين، ولكن قليلاً منا من يعرف هذا، فالبائع الماهر قد لا يصلح مديراً للمبيعات، والمدرب أو المعلم البارع قد لا يصلح مديراً لمدرسة أو جامعة والعكس صحيح .. بالتأكيد كل منا قابل أناساً ممن لديهم مهارات أو صفات لا تنسى حتى وإن كان تعليمهم متوسط المستوى، ولذلك يجب على كل واحدٍ منا أن يحدد هذه الميزة أو المهارة ومن ثم توظيفها للوصول إلأى الأهداف الموضوعة والواضحة قصيرة كانت أم طويلة المدى وإلا سنجد أنفسنا في مكان لا نعلمه، لا نحبه ولا نجد أنفسنا فيه، ونستمر الصدام بكل من حولنا دون جدوى أو فائدة أو تبلى أجسادنا دون الوصول إلى شيء ذي قيمة حقيقية تنعكس على أهدافنا للحصول على ما نريد.
يجب أن نعرف جيداً ما نريد وما نحلم به لا ما يريده غيرنا وما يحلم به .. قال الرسام المشهور "فان كوخ" (كنت دائماً أحلم برسمي ثم أرسم حلمي) قال حلمي لا حلم غيري !
للوصول إلى أي وجهة نحتاج أولاً تحديداً دقيقاً للوجهة ومن ثم معرفة قدراتنا وتحليلها ومقارنتها للقدرات المطلوبة للوصول إلى الوجهة، فإن طابقت ذلك أو زادت فنعقلها ونتوكل على الله وإن لم تطابق نقوم بتقسيم رحلة الوصول إلى الوجهة إلى محطات على حسب قدراتنا، وإما أن ندرب ونطور قدراتنا للوصول إليها. لا تستطيع طائرة الوصول إلى الوجهة إلا إذا كانت قادرة على ذلك (قوة محركاتها للارتفاع والسرعة، سعة خزانات الوقود للمسافات، سعتها لعدد ركابها، وغيرها كثير) وهذا غير كاف طبعاً يجب أن نرغب في الوجهة أولا. الأصح دائماً أن نعمل ما نحب لا أن نحب ما نعمل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي