القطاع العقاري والبنوك علاقة مصالح

لا شك أن القطاع العقاري في السعودية هو أحد أهم القطاعات الأساسية المحركة لعجلة التنمية وأي ركود فيه يؤثر سلباً على عدد كبير من القطاعات الأخرى, ومن أكبر المؤثرين على هذا القطاع المهم هو التمويل العقاري والذي تقدمه البنوك وشركات التمويل، حيث إن القطاع العقاري في السوق السعودية سابقا كان يعتمد بشكل أساسي على التمويل ذاتياً عن طريق المساهمات العقارية التقليدية، ولكن وبسبب التجاوزات التي حدثت من بعض العقاريين في السابق تم منع جمع الأموال مباشرة من قبل العقاريين دون رقابة هيئة سوق المال، ما أدى إلى إيقاف الممول الأساسي لهؤلاء المطورين العقاريين ومشاريعهم العقارية ولم يصبح أمامهم سوى تمويل مشاريعهم العقارية عبر الصناديق العقارية التي ما زالت صعبة ومعقدة على أغلبهم أو التمويل عن طريق البنوك وهذا ما سأتطرق إليه.
البنوك لم تكن في السابق لها دور كبير في تمويل المشاريع العقارية ولا المطورين العقاريين، حيث إن تقرير مؤسسة النقد ذكر أن نسبة 6 في المائة من العقارات في السعودية ممولة عن طريق البنوك فقط، وبالتالي فإن معظم ما تم تمويله من العقارات والمشاريع العقارية للشركات كان بطريقة ذاتية ومعظم التمويل الذي قامت به البنوك كان لأهداف غير عقارية، ما يجعلنا نفكر في أن الفرصة أمام البنوك لتمويل الشركات العقارية ومشاريعها أكبر مما كانت عليه، خصوصاً بعد منع جمع الأموال للمساهمات العقارية، ولكن مع الأسف، فإن البنوك اليوم قننت بشكل كبير تمويل المشاريع العقارية ووجهت السيولة المرصودة للتمويل لتمويل الأفراد، وذلك بسبب قلة المخاطرة وزيادة قيمة الفائدة للقروض الممنوحة للأفراد مقارنة بالقروض الممنوحة للشركات العقارية، بل وضيقت الخناق على الشركات العقارية التي مولت أراضيها التجارية سابقاً عن طريق البنوك بفرض ضغوط عليها لتسييل العقارات ببيع تلك الأصول، ولم تفكر أبداً في حجم الضرر الذي سيترتب عليه هذا الفعل على الاقتصاد بشكل عام وعلى القطاع العقاري بشكل خاص، إذ إن هدفها الأول والأخير مصلحتها الخاصة فقط .
إن عواقب قرارات البنوك هذه ستكون وخيمة بشكل قد لا يتوقعه البعض فتوفير سيولة ضخمة لتمويل الأفراد مع قلة المنتجات العقارية التي لا يتوافر تمويل للمطورين لتوفيرها سيؤدي إلى تضخم في أسعار الوحدات العقارية القائمة بشكل كبير وذلك لتوفر سيولة ضخمة لشرائها عن طريق تمويل الأفراد والذين سيصطدمون بقلة المعروض، ما سيجبرهم على شراء وحدات غير مناسبة ومرتفعة القيمة لاستغلال فرصة توافر تمويل الأفراد، وقد تصل معدلات التضخم في الوحدات العقارية القائمة إلى أسعار غير منطقية.
ولحل تلك المشكلة يجب أن يكون هناك آلية تضمن توزيع السيولة المرصودة لتمويل الأفراد والسيولة المرصودة لتمويل المطورين بشكل مناسب وعادل ليقوم المطورون بتوفير وحدات عقارية تلبي حاجة المستفيد من تمويل الأفراد وبأسعار عادلة، وبالتالي تصبح المعادلة سليمة ومنطقية، ولا يجب أن ينظر البنك لربح سريع ولمصلحته المباشرة دون أن يأخذ في الحسبان مدى الضرر الذي سيلحق به من جراء سياسته التي تفتقد بعد النظر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي