عندما تحكم «المرأة»!

يحفل التاريخ الإنساني بكثير من قصص الملكات اللاتي حكمن شعوباً ودولاً في مختلف بقاع العالم, فمن بلقيس التي ورد ذكرها في القرآن الكريم إلى كليوباترا أشهر ملكات مصر مروراً بزنوبيا أو «الزباء» الملكة العربية التي حكمت تدمر عندما كانت أهم مدينة وحاضرة في عصرها, وليس انتهاءً بـ«شجرة الدر» وغيرها.. تتداعى حكايات التاريخ مسجلة للمرأة «الحاكمة» قدرتها على استخدام الحيل السياسية لفرض سيطرتها على الممالك التي تحكمها ومجازفتها بكل شيء في سبيل ذلك بعكس الصورة النمطية عن المرأة التي تصنفها ككائن ضعيف وبحاجة دوماً إلى ظل رجل أو ظل «حيطة» !
أما في العصر الحديث فهناك كثير من النماذج للمرأة «القائد», حيث لايمكننا على سبيل المثال أن ننسى وجه امرأة حديدية مثل « جولدا مائير» رئيسة وزراء اسرائيل إبان حرب أكتوبر, أو «مارجريت تاتشر» رئيسة وزراء بريطانيا من عام 1979م حتى 1990م والتي تعد أول قائد سياسي بريطاني يكسب ثلاثة انتخابات وطنية متتالية.
حسنا.. لماذا أحدثكم عن المرأة القائد الآن؟
إن المتأمل في قصص معظم النساء اللاتي تمكن من الوصول إلى مناصب سياسية عليا يستطيع أن يكتشف قاسماً مشتركاً بينهن يتمثل في النهايات غير السعيدة لفترات قيادتهن والتي تسبقها عادة حالة من الرفض الشعبي العارم, ويعود ذلك إلى اهتمامهن بالإنجازات والمكاسب السياسية دون الالتفات للإنسان, فباستثناء بلقيس التي سلمت الحكم طوعاً للنبي سليمان عليه السلام, قررت الملكة كليوباترا الانتحار خوفاً من الأسر بعد خسارتها كل شيء, وكذلك فعلت الملكة زنوبيا التي انتحرت بعد ما أهينت وجرت بالسلاسل وحُبست في قبو, أما شجرة الدر فقد تم قتلها وقذف جسدها من فوق القلعة وظلت جثتها ملقاة لعدة أيام قبل أن تُدفن!
وانتحرت سياسياً «جولدا مائير» بتقديم استقالتها بعد الضغوط الداخلية الشديدة التي واجهتها, وكذلك فعلت «مارجريت تاتشر» عام 1990م بعد أن ازدادت المعارضة لزعامتها بشكل كبير وأيقنت من عدم قدرتها على كسب انتخابات زعامة المحافظين بسبب تنامي الرفض الشعبي لها.
إن النماذج السابقة ليست سوى عينة بسيطة من تلك التي نعرف والتي لا نعرف عن «المرأة القائد», وقد تذكرتها بعد اطلاعي على نتائج دراسة بحثية عن «تأثير عامل الجنس على النمـط القيادي في المجال الأكاديمي والتربوي» وهي دراسة أعدتها وكيلة قسم الإدارة في كلية التربية في جامعة الملك سعود الدكتورة سارة عبدالله المنقاش, وأكدت نتائجها أن الإناث عادة ما يفضلن نمط القيادة فوق الجماعة، أي أنهن يهتممن بإنجاز العمل أكثر من الاهتمام بالعلاقات الإنسانية، بينما الغالبية العظمى من الذكور، يمارسون نمط القيادة مع الجماعة !
حسناً.. يمكنكم الآن فهم الأسباب التي تجعل كثيرا من النساء لايفضلن العمل تحت إدارة نساء أخريات, وكذلك تفهم أن حكاية ظل الرجل وظل الحيطة ليست سوى حيلة سياسية «نسائية» هدفها الحقيقي هو ممارسة السلطة على الرجل و «الحيطة» أيضا !

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي