المؤسسات الدولية والحاجة للتغيير

يبدو أن موضوع المؤسسات الدولية ولعل أهمها من وجهة نظري في هذا السياق الأمم المتحدة وصناديقها، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية أصبح حديث الجميع في عالم متغير سياسيا واقتصاديا. ولعل ما يجبرني على تكرار هذا الموضوع هو حضوري مؤتمر تيد في مدينه أكسفورد الإنجليزية، عندما فوجئ الحضور بحضور رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون ومشاركته بكلمة غير مجدولة، ولكن المفاجأة تخطت حدودها عندما بدأ براون بالحديث عن المتغيرات العالمية في ظل الأزمة المالية التي عصفت وما زالت تعصف بأكبر اقتصادات العالم، والحل في الحاجة إلى إعادة هيكلة بعض المؤسسات الدولية الحالية وضرورة إنشاء مؤسسات جديدة تعنى بالمتغيرات الجديدة على الساحة الدولية. حديث براون وتعليقاته خلال جلسة الحوار خروج عن النص، لما كان فيها من تجاوز لكثير من المجاملات فيما يخص دور المؤسسات الدولية في حل الأزمة العالمية أو أي أزمة سابقة، لدرجة استخدامه طرفة تعبر عن عجز مؤسسات المجتمع الدولي عن تحقيق أي نجاح حقيقي على المستوى الدولي منذ تأسيسها.
من وجهة نظري الشخصية، إن مؤسسات المجتمع الدولي الحالية هي حاجة أساسية لحفظ التوازن العالمي وإيجاد مرجعيه عالمية لحل القضايا بين الدول وكذلك لوضع أسس سياسية واقتصادية ومالية لحفظ التوازن العالمي والبُعد عن احتمالات الحروب بين الدول، ومن ذلك أهمية وجود الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ولكن الحاجة الملحة اليوم تكمن في غربلة تلك المؤسسات لتعكس الوضع الحالي العالمي على أسس عادلة بين جميع دول العالم، وكما حدث في مجموعة الأربع التي أصبحت اليوم مجموعة العشرين بناء على تحقيق مصالح جميع الدول.
إن عصر نخبة العالم المحدود والذين أسسوا النظام العالمي الحالي بمؤسساته الدولية التي أشرنا إليها على أساس مصالحها ومصالح حلفائها في الحرب العالمية الثانية، إن ذلك العصر قد ولى وشهد النظام العالمي الكثير والكثير من التغيرات السياسية والاقتصادية، بداية من الحرب الباردة وحرب النجوم وسقوط جدار برلين وسقوط الاتحاد السوفيتي وعودة روسيا وخروج قوى اقتصادية قوية وجدية. وخلال السنوات القليلة الماضية شهد العالم التغير الحقيقي لمخرجات بريتون وودز وأساسها النظام السياسي والاقتصادي لمن استحدث ذلك النظام المالي العالمي. سقط النظام الرأسمالي بشكل كبير، وسقط قناع اقتصاد السوق الذي كانت تنادي به الدول ذات المصلحة منه. لم تعد التجارة الحرة حرة! ولم تعد قوى السوق هي من يحدد توجه الاقتصاد! بدأت أمريكا نفسها بكسر أسس النظام الرأسمالي عندما أممت بنوكها وشركاتها بداية من شركتي فني مي وفريدي ماك إلى سيتي جروب. ويمثل التحدي السياسي في حلول الأزمة العالمية محورا مهما بسبب ما يمكن أن تحمله أي حلول محتملة على تركيبة المؤسسات الدولية ومنها صندوق النقد الدولي IMF التي قد تكون إحدى أدوات الإصلاح المالي العالمي إذا أمكن إيجاد تمثيل عالمي عادل في مجلس المحافظين أو المجلس التنفيذي ذي الـ 24 مقعداً، وقد يصل ذلك إلى إيجاد مقر جديد لها حول العالم. هل يمكن أن يكون هذا الإجراء مفيداً؟ هل يمكن أن يقبل سياسيا؟. هل ينطبق ذلك التغيير على البنك الدولي وهو الآخر عليه ما عليه من علامات الاستفهام؟ يبدو أن المزاج العالمي أصبح أكثر انفتاحا على تغيير المؤسسات الدولية بشكل لم نشهده منذ تأسيسها، ولذلك تجد رئيس وزراء دولة من دول التأسيس والمصالح ينادى بالتغيير والإصلاح، فكيف يكون حال الدول الأخرى؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي