هل حققنا فعلاً المرتبة الـ 13 في مؤشر التنافسية؟!

تحدثت الهيئة العامة للاستثمار الأسبوع الماضي عن تحقيق المملكة المرتبة الـ 13 في مؤشر عالمي يجعل الهيئة قاب قوسين أو أدنى من تحقيق استراتيجيتها التي أطلقت عليها مسمى برنامج 10X10 الهادف إلى جعل المملكة بين أفضل عشر دول في العالم من حيث التنافسية بحلول عام 2010، وفي ظل الجهود الجبارة التي يقودها خادم الحرمين الشريفين لتطوير الاقتصاد السعودي فإن من الطبيعي جداً أن تستهدف تحقيق مثل هذا التميز, فنحن بفضل الله نملك الإرادة السياسية والموارد التي تؤهلنا لذلك، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل فعلاً أننا الآن نتبوأ المركز الـ 13 بين دول العالم من حيث التنافسية أم أننا ما زلنا مطالبين بجهد أكبر لنحقق ذلك؟
الواقع أن التصنيف الذي تحدثت عنه الهيئة لا يقيس على الإطلاق القدرة التنافسية لدول العالم ويقيس فقط التطوير الذي تحدثه كل دولة في الإجراءات والتكلفة والوقت لإنجاز الأعمال Ease of Doing Business. هذا المؤشر الذي تصدره مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي يتعلق فقط بالتحسن المحقق في الإجراءات اللازمة لبدء عمل تجاري، أو للحصول على ترخيص بناء، أو لتوظيف الموظفين وفصلهم، أو للحصول على تمويل، أو نقل ملكية، ونحو ذلك من الإجراءات، بالتالي فهو لا يعكس على الإطلاق الموقف التنافسي للدولة وحقيقة فرص الاستثمار المتاحة ومعدلات النمو الاقتصادي. تحقيق تقدم في هذه الجوانب مرتبط بشكل مباشر بتطور البنية التحتية، كفاءة أداء المؤسسات العامة والخاصة، فاعلية النظام التعليمي، مستوى أداء الاقتصاد الكلي، كفاءة السوق، ومستوى المنافسة على مستوى الاقتصاد الجزئي، وغني عن القول أن هذا المؤشر هامشي في هذه الجوانب ولا يمكن أن يقيس أي من ذلك، ما يعني أنه من غير المقبول اعتماده كمقياس لقدرة بلد ما على المنافسة عالميا.
المؤشر الذي يقيس كل ذلك هو مؤشر تقرير التنافسية العالمي The Global Competitiveness Report الذي يصدره منتدى الاقتصاد العالمي World Economic Forum الذي يقيم مدى قدرة دول العالم على تقديم مستوى عال من الازدهار لمواطنيها في الحاضر وعلى المدى المتوسط من خلال رفع كفاءة استخدام مواردها المتاحة، ويمكن الوصول إلى هذا المؤشر على الرابط التالي: http://www.weforum.org/en/initiatives/gcp/Global%20Competitiveness%20Rep... . فمن خلال قياس ما يزيد على 90 متغيرا اقتصاديا صنفت في تسعة أركان رئيسة هي: فاعلية المؤسسات العامة والخاصة، نوعية البنية التحتية، أداء الاقتصاد الكلي، الصحة والتعليم الأساسي، التعليم العالي والتدريب، كفاءة السوق، التهيؤ التقني، مستوى تطور قطاع الأعمال، والإبداع والاختراع، يصدر المنتدى مؤشرا سنويا يقيس القدرة التنافسية على مستوى العالم.
من هذا يتضح أن المؤشر الذي نطمح ونود أن نحقق تقدما ملموسا فيه كونه يعكس تحسناً حقيقياً في موقفنا التنافسي على مستوى العالم هو دون أدنى شك مؤشر تقرير التنافسية العالمي، من ثم فالسؤال الملح: كيف كان أداؤنا في هذا المؤشر؟ هذا المؤشر أعلن في الواقع قبل يوم واحد فقط من إعلان مؤشر إنجاز الأعمال، وقد أظهر أن موقف المملكة التنافسي عالميا قد تراجع هذا العام إلى المرتبة 28 بعد أن كنا في المرتبة 27 العام الماضي، في حين أن دولا خليجية أخرى حسنت موقفها في هذا المؤشر بشكل كبير خلال العام الحالي، فدولة قطر تقدمت إلى المرتبة 22 على مستوى العالم بعد أن كانت في المرتبة 26 العام الماضي، كما أن الإمارات تقدمت ثماني مراتب لتصبح في المرتبة 23 عالمياً بعد أن كانت في المرتبة 31 على مستوى العالم.
ولعل خير دليل على هامشية مؤشر إنجاز الأعمال كمقياس للقدرة التنافسية أن سويسرا التي تتبوأ المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر تقرير التنافسية العالمي تأتي في المرتبة الـ 21 في مؤشر إنجاز الأعمال، في حين أن جورجيا التي حققت مستوى متأخرا جداً في مؤشر تقرير التنافسية العالمي بحصولها على المرتبة 90 نجد أنها تحظى بموقع متقدم جداً في مؤشر إنجاز الأعمال بحصولها على المرتبة الـ 11 على مستوى العالم. ورغم تقديرنا الصعوبات التي تكون قد واجهت الهيئة في تحقيق استراتيجيتها المسماة 10X10 إلا أن ذلك ليس مبرراً لأن نخفض سقف طموحاتنا أو أن نقنع أنفسنا بما دون ذلك، وإن كنا قد عقدنا العزم على أن نكون بين أفضل عشر دول في العالم من حيث التنافسية, فميداننا هو دون أدنى شك مؤشر تقرير التنافسية العالمي لا مؤشر إنجاز الأعمال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي