عايدوا مرضى الفشل الكلوي
بفضل الله فإن معظم أفراد مجتمعنا يتصفون بحب الخير والبذل، فكوننا حديثي عهد بوفرة جعلنا أكثر تقديراً لحاجة المعوز وإحساسا بحال من يعاني ضيق ذات اليد، فليس هناك حاجة لأن تشرح لشخص موسر معاناة صاحب حاجة فهو مر بهذه التجربة، إما هو شخصياً أو سمع من أهله ما عانوه من فقر وقلة حيلة قبل أن ينعم الله عليهم ويبدل حالهم. إلا أن ضغوط الحياة وانشغال الناس بأمورهم الشخصية قد يجعلانهم يغفلون عن معاناة إخوة لهم يمرون بظروف استثنائية قاهرة، كمن ابتلي بمرض عضال وهو في فاقة وفقر، باعتبار أن وضعه المادي يجعله غير قادر على تحمل الأعباء المالية للعلاج ويصبح في أمس الحاجة إلى المساعدة، خاصة عندما يكون هذا العلاج مكلفا جداً ويتطلب عناية فائقة مستمرة كما هو حال من يعاني فشلا كلويا، فهو بحاجة إلى ثلاث جلسات غسيل أسبوعيا تكلفة الجلسة الواحدة قد تصل إلى 1200 ريال، وهي تكلفة قد لا يستطيع تحملها شخص موسر فما بالك بفقير معوز. الأمير عبد العزيز بن سلمان أحسن صنعاً بقيامه بحملة توعية مكثفة خلال شهر رمضان للتعريف بمعاناة مرضى الفشل الكلوي وبالجهود الكبيرة التي تبذلها جمعية الأمير فهد بن سلمان لمساعدتهم، فمن لا يعرف شخص يعاني فشلا كلويا من أفراد عائلته المباشرة فإنه لا يمكن أن يتصور حجم هذه المعاناة والتي ستكون بالطبع أشد وأقسى عندما يكون هذا المريض غير قادر على تحمل تكاليف ما يحتاج إليه من رعاية صحية.
وإنقاذ شخص من الموت، والذي سيكون حتمياً إذا كان هذا الشخص يعاني فشلا كلويا ولا يستطيع الحصول على خدمات غسيل متواصل دون انقطاع، لا يعني إنقاذ هذا المريض فقط، وإنما يعني في غالب الحالات إنقاذ أسرة كاملة استقرارها وسلامة أفرادها وتماسكها منوط بعد الله ببقاء هذا العائل، ما يضاعف من حجم المسؤولية الاجتماعية التي يجب أن نستشعرها جميعاً نحو كل من يعاني فشلا كلويا ولا يستطيع تحمل التكاليف الباهظة للرعاية الصحية التي هو في أمس الحاجة إليها. والحقيقة أنني سمعت في اللقاء الذي جمعنا مع الأمير عبد العزيز في جريدة "الاقتصادية" قبل أيام ما شجعني وألزمني بالكتابة حول هذا الموضوع، فالجمعية حصلت على تخفيضات في تكلفة الغسيل من المستشفيات الخاصة للمرضى الذين ترعاهم الجمعية تصل إلى 50 في المائة، وشركتا "الاتصالات" و"موبايلي" وكذلك جميع الصحف والقنوات التلفزيونية المشاركة في حملة التعريف بخدمات الجمعية متبرعون بخدماتهم لا يتقاضون ريالا واحداً من الجمعية، ولا يوجد على ملاك الجمعية إلا ستة موظفين فقط وكل ما عداهم ممن يقدمون خدمات للجمعية متبرعون أو جهات عملهم تبرعت بوقتهم، وهناك تنسيق بين الجمعية وجمعيات البر وأئمة المساجد لتحري ألا يتلقى خدمات الجمعية إلا المستحقون لها فعلا، وهذه جميعها عوامل ترفع من كفاءة استخدام الجمعية للتبرعات التي تتلقاها وتجعل المتبرع يطمئن بأن ما يقدمه سيذهب ـ إن شاء الله ـ لمستحقيه ولن يهدر أو يصرف على مجالات أخرى.
والحقيقة أن الجمعية تميزت بأمرين مهمين: أولهما سهولة الطريقة التي يمكن التبرع من خلالها، والأمر الآخر ضآلة المبلغ الذي يمكن التبرع به ما يجعل هذا التبرع في متناول الجميع. فأي مشترك بهاتف جوال مع شركة الاتصالات السعودية أو شركة موبايلي يمكنه التبرع للجمعية من خلال إرسال رسالة إلى الرقم 5060، فإن كانت هذه الرسالة فارغة فإن ذلك يعني تبرعك بمبلغ عشرة ريالات لمرة واحدة، وإن كانت هذه الرسالة تحتوي الرقم ا فإن ذلك يعني تبرعك بمبلغ 12 ريالا كل شهر تضاف إلى فاتورة جوالك شهريا، أي 144 ريالا فقط في عام كامل. وحيث إننا نحتفل اليوم بثاني أيام عيد الفطر المبارك ومعظمنا بفضل ونعمة من الله ينفق في هذا اليوم مبالغ كبيرة سعياً لإدخال البهجة والسرور على أطفاله ومن سواهم من أفراد عائلته، فإن أقل ما يمكن أن يقوم به أن يستقطع نصف دقيقة من وقته يرسل فيها رسالة يعايد بها إخوة له يعانون العوز والمرض، وعلينا عدم الاستهانة بالدور الذي يمكن أن يقوم به كل واحد منا، فلو افترضنا أن 5 في المائة فقط من مشتركي شركتي الاتصالات وموبايلي والذين قد يزيد عددهم على 20 مليون مشترك أرسلوا رسالة تحتوي الرقم 1، فإن ذلك سيعني تبرع بمبلغ 144 مليون ريال وهذا مبلغ قد يكفي لرعاية ما يزيد على ثلاثة آلاف مريض، أرجو الله أن يتقبل صيامكم وصدقاتكم وكل عام وأنتم بخير.