المناطقيون واليوم الوطني !
ليس أجمل من مشاهد الفرح والولاء للوطن التي شاهدناها خلال احتفالات يومنا الوطني التاسع والسبعين في مختلف مدن المملكة.. رجال وأطفال ونساء من كل مكان خرجوا كموج أخضر يطبع قبلة على جبين هذا الوطن.. خرجوا يدفعهم حبهم لترابه وتاريخه وقيادته في مظهر حضاري يندر أن نشاهده في كثير من دول العالم.
مجموعة صغيرة من الأحداث المراهقين في محافظة الخبر فشلوا في التعبير عن فرحتهم لسبب أو لآخر فقامت قائمة من لايرون إلا الجزء الصغير الفارغ من مساحة الكأس, وعندما أقول الجزء الصغير الفارغ مخالفاً مجرى المثل «النصف الفارغ» فأنا أعني ما أقول جيداً, ذلك لأن الحدث بحجمه الحقيقي أصغر بكثير من أن يُذكر أو أن تفرد له المساحات في وسائل الإعلام كما فعلت بعض صحفنا للأسف.
ماذا يعني أن يكسر حدث مراهق زجاج أحد المحال ثم يقبض عليه ويحاسب على فعلته, ألا يحدث هذا يومياً في أماكن مختلفة من مدن المملكة أم أن الأخبار القصيرة التي تنشرها صحفنا في مساحات لا تكاد تذكر في صفحات الحوادث أخبار قادمة من المريخ؟!
ولمصلحة من يتم تضخيم مثل هذا الحدث الهامشي وتفرد له الصفحات مع ربطه بأهم فرحة في نفوس مواطني هذا البلد؟!
حسناً.. دعوني أخبركم بما هو أنكى وأشد سوءاً .. لو تتبع أحدكم تعليقات قراء المواقع الإلكترونية الخاصة بالصحف التي ضخمت الحدث لصُدم من عشرات إن لم تكن مئات التعليقات التي عمدت على الفور لإلصاق تهمة التخريب ببعض المراهقين القادمين من منطقة معينة, وهو ما يكشف عن نَفَس عنصري مناطقي بائد, تخلصت منه هذه البلاد منذ وحدها المؤسس العظيم طيب الله ثراه, ورغم ذلك يبدو أن هناك أيدي خفية تعبث في الظلام وتبذل المحاولة تلو الأخرى لبعثه بهدف بث الكراهية بين أبناء الوطن الواحد .. ومتى؟ في عيدهم الوطني؟.. ولا داعي لأن أجزم لكم أن مثل هذه الأصوات ستبقى خافتة ضعيفة سرعان ما تختفي مهما حاولت أن تضخم من نفسها وساعدها على ذلك حدث هامشي هنا أو هناك.
إن هذا الوطن ياسادة ياكرام ملك لأبنائه الذين يتنفسون هواءه ويمشون على ترابه ويبنونه بسواعدهم وأحلامهم في ظل قيادته الحكيمة, ويجب أن يدرك المناطقيون البائسون أن لساكن جدة في الدمام مثل ما لساكن الدمام في جازان, ولساكن تبوك في خميس مشيط مثل ما لساكن نجران في عرعر.. لا أحد ضيف على أحد من مواطني هذا الوطن في مختلف مناطقه ومحافظاته وقراه وهجره, كما يجب أن يفهم من لم تصله هذه الحقيقة حتى الآن أن عمرها تجاوز تسعة وسبعين عاماً من الأمن والأمان والرخاء والمحبة.
بقي أن أقول إنه كان يجدر بوسائل إعلامنا المتورطة بتضخيم الحدث الهامشي أن تمنح مساحات أكبر لتغطية فعاليات الاحتفالات التي عمت البلاد.. ولو كان الأمر وفق قاعدة «النسبة والتناسب» لتطلب من هذه الصحف أن تصدر آلاف الصفحات من التغطيات ليرد ذلك الحدث في سطر واحد منها على الأكثر!