الممثل النظامي للشخص المعنوي في نظام المحاماة السعودي
إن أحد مبادئ القضاء في المملكة العربية السعودية احترام حقوق الدفاع، ومن أهم هذه الحقوق تمكين المدعى عليه أياً كان طبيعته أو مركزه من استغلال حقوق الدفاع المتاحة وذلك تجاوباً مع متطلبات العدالة.
لا يخلو أي مجتمع مهما كان حجمه من الحاجة إلى سن أنظمة لتيسير شؤونه، ومن ذلك على وجه الخصوص العلاقة فيما بين هذا المجتمع وأفراده وبحيث تكون هذه الأنظمة واضحة النصوص حتى يمكن فهمها من ذوي العلاقة وتؤدي دورها في تحقيق المصلحة العامة والتنمية البشرية المطلوبة، وهذا الهدف النبيل لا يمكن أن يتحقق ما لم تكن الاختصاصات محددة بما يضمن التطبيق السليم لها. ومن أجل إبداء الرأي حول الجدل القائم بشأن إعلان للعموم الذي صدر من مكتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية بمحافظة جدة بتاريخ 1/5/1428هـ وما أحدثه من بلبلة، رغبت في كتابة هذا المقال لغرض التوضيح.
جاء في مقدمة الإعلان (أن المكتب المذكور سيبدأ في تطبيق أحكام نظام المحاماة على الوكالة في الدعاوى المتعلقة بمنازعات الأوراق التجارية ابتداءً من 1/7/1428هـ ) ويلاحظ ابتداءً أن الإعلان لم يوفق في استخدام كلمة "تطبيق" لأن الإشراف على تطبيق نظام المحاماة ولائحته التنفيذية منوط بوزارة العدل ما يجعل الإعلان المذكور قد صدر من جهة ليست ذات اختصاص في هذه المسألة. الأمر الآخر أن الإعلان المذكور استند إجمالاً إلى نص المادة 18 من نظام المحاماة دون لائحته التنفيذية وهذا خطأ فادح، كما أضاف هذا الإعلان عبارة " مدير الشركة " في الفقرة 18 (ج) دون أن ترد في النظام الأصلي!!! ما جعل الإعلان مخالفا للواقع والنظام . أن المادة 18 من النظام المذكور قد نصت على التالي: "للمحامين المقيدين في جدول الممارسين دون غيرهم - حق الترافع عن الغير أمام المحاكم أو ديوان المظالم" واستثناء من ذلك يقبل الترافع عن الغير ممن يأتي :
أ - أي وكيل في قضية واحدة إلى ثلاث، فإن باشر الوكيل ثلاث قضايا عن ثلاثة أشخاص متعددين لا تقبل وكالته عن غيرهم.
ب - الأزواج أو الأصهار أو الأشخاص من ذوي القربى حتى الدرجة الرابعة.
ج - الممثل النظامي للشخص المعنوي.
د - الوصي والقيم وناظر الوقف في قضايا الوصاية والقوامة ونظارة الوقف التي يقومون عليها.
هـ - مأمور بيت المال فيما هو من اختصاصه حسب النظام والتعليمات".
وكما نرى فإن نص المادة 18 (ج) من النظام المذكور واضح ولم يرد به عبارة ( مدير الشركة ) التي أضافها الإعلان المذكور. ويؤكد ذلك أن المادة 18 (7) من اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة قد عرفت المقصود بالشخص المعنوي وجرت الإحالة لمزيد من التعريف إلى المادة الثامنة عشرة من نظام المرافعات الشرعية ولائحته التنفيذية حيث نصت المادة (18) (7) على ما يلي: "يقصد بالشخص المعنوي: ذو الشخصية المعنوية العامة أو الخاصة، وهو المشار إليه في المادة (18) من نظام المرافعات الشرعية ولائحته التنفيذية" انتهى النص. وعلى الرغم من أن المادة (18) من نظام المرافعات الشرعية خاصة بالتبليغ إلا أن أهميتها تكمن في أنها حددت من الذي يستلم التبليغ باعتباره ممثلاً رسميا للشخص المعنوي، وجاء هذا التحديد للممثل النظامي للشخص المعنوي بنص واضح لا يختلف عليه اثنان، وهذا هو الهدف من إحالة نظام المحاماة ولائحته التنفيذية إلى هذه المادة، ولتأكيد ما ذهبنا إليه نورد نص المادة 18 الفقرة (ج) ذات العلاقة وهي كالتالي:
يكون تسليم صورة التبليغ على النحو الآتي:
ما يتعلق بالشركات والجمعيات والمؤسسات الخاصة إلى مديريها أو من يقوم مقامهم أو من يمثلهم.
لذا فإن الممثل النظامي للشخص المعنوي الذي يحق له المرافعة والمدافعة نيابة عن الشخص المعنوي يكون إما مديرها أو من يقوم مقامه أو من يمثله، وهذا يعني إمكانية قيام المدير في الشركة توكيل أحد العاملين لديه لتمثيله أمام جهات التقاضي، ويكون مثل هذا التمثيل نظامياً بحسب الفقرة (ج) أعلاه وذلك من خلال إصدار وكالة شرعية وفقاً للأصول.
إن الهدف الواضح من الاستثناء الوارد في المادة 18 من نظام المحاماة ولائحته التنفيذية هو توسيع دائرة الشمول وليس التقييد الذي يفهم من الإعلان المذكور.
إن أحد مبادئ القضاء في المملكة العربية السعودية احترام حقوق الدفاع، ومن أهم هذه الحقوق تمكين المدعى عليه أياً كان طبيعته أو مركزه من استغلال حقوق الدفاع المتاحة وذلك تجاوباً مع متطلبات العدالة، كما أن هذا الإعلان يؤثر سلباً في شركات القطاع الخاص التي لديها قناعة راسخة بالمستشار الداخلي لشركاتها أو مؤسساتها لأن الإعلان المذكور يبعث على الاعتقاد بأن الترافع أمام مكتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية المذكور يقتصر فقط على مديريها أو من خلال محام خارجي، وهذا غير صحيح ومخالف لنظام المحاماة ولائحته التنفيذية ونظام المرافعات الشرعية ولائحته التنفيذية وما يجري عليه العمل في بعض الدول المجاورة، وتلك مسألة لا يمكن أن تفوت على مقام وزارة العدل.
واللـه الموفـق ،،،