الريادة العالمية وجامعاتنا
لا بد أن تكون لنا أحلام كبيرة، وهذه الأحلام أيضاً لا بد أن تكون قابلة لأن تتحقق. فيما مضى كانت الجامعات غارقة في دوائر متداخلة تبدأ بالقبول والتسجيل والمقاعد مروراً بجمود كادر التدريس وانتهاء بالمستوى الأكاديمي المنخفض حتى قيل إن الجامعات والكليات إنما هي ثانويات كبيرة .. الآن واقع الجامعات اختلف ولا جدال في ذلك وبرنامج الريادة في الجامعات السعودية الذي أعلنته أخيرا وزارة التعليم العالي وحددت عام 1435هـ لإنجاز هذا المشروع من أجل أن تحقق الجامعة مكانة المؤسسة التعليمية التي تقود دفة التميز والتفرد بواقعها وإنتاجها وتأثيرها داخل محيطها.
إذن هناك خطوات إجرائية لا بد أن تنفذ حتى تتحقق تلك الأهداف مثل حجم وكمية الإنتاج العلمي المنشور لأعضاء هيئة التدريس مع تنوع أعضاء هيئة التدريس, وتوافر طلاب متميزين وطلبة متعددي الجنسيات وتنوع مجالات العلوم, لذا نحن أمام مرحلة علمية أكاديمية وإدارية جديدة تحتاج إلى صياغة إدارية تتناسب وطموح التعليم العالي التي تتوازن داخلها الأعمال الأكاديمية والإدارية وتخرج الجامعات من دائرة قبول الطلاب واستيعاب خريجي الثانوية إلى رسم سياسات جديدة تقوم على أسس عالمية لهوية الجامعة وأدائها ومخرجاتها وتأثيرها وعلاقتها على المستوى العالمي, ويكون أداء الجامعات منسجماً مع مؤشرات قياس الجامعات العالمية بحيث تكون هناك معايير للتصنيف الذي يقود إلى وضع ترتيب نسبي لتلك الجامعات ومقارنتها دوليا.
لن نحقق الريادة العالمية في الجامعات السعودية من خلال النوايا أو نقل النماذج كما جاءت عالمياً, أو تعديل البيانات والإحصاءات والنشاط المكثف لبرامج الحاسب والنشر الإلكتروني من أجل حصد النقاط للفوز في تصنيف (أروو) الصيني، أو تصنيف (التايمز) للجامعات العالمية أو تصنيف المركز الإسباني لتقويم الجامعات والمعاهد أو تصنيف مجلة ''النيوزويك'' الأمريكية أو تصنيف تايوان .. هذه ليست الغايات, رغم حاجتنا إلى تصنيفها العالمي نحن نحتاج إلى منهج وأسس وتقاليد عالمية تعمل بها جامعتنا وتحافظ عليها وليس تعديل أرقام ومستويات وأعتقد أن وزارة التعليم العالي تسير في هذا الاتجاه، التأسيس وبناء التقاليد الأكاديمية العلمية لجعل الجامعات السعودية أنموذجاً داخل المحيط المحلي والإقليمي والعالمي.