المباني المكتبية ومعضلة الطلب والعرض
كثر الحديث عن قلة الطلب وزيادة في العرض للوحدات المكتبية وبالتالي نزول في أسعارها وخصوصاً بعد الأزمة العالمية إذ إن هناك عددا كبيرا من الوحدات المكتبية معروضة للتأجير منذ فترة طويلة وبدأ الحديث عن عدم الجدوى من تلك المشاريع في الوقت الراهن.
وهذا الحديث عزيزي القارئ من وجهة نظري الخاصة كمهتم ومختص في هذا القطاع غير صحيح وأعتقد أن الطلب لم ولن يقل ولكن الطلب عليها أصبح أكثر انتقائية وعملية عما كان عليه سابقاً فالشركات قبل الأزمة الاقتصادية كانت تنتهج سياسة التوسع بترف وجرأة أكبر منها بعد الأزمة الاقتصادية العالمية التي عصفت بالاقتصاد العالمي أخيراً حيث أصبحت تلك الشركات أكثر دقة في اختيار الموقع المناسب لاحتياجات ومتطلبات العمل لديها ليس إلا, كما أن العديد منهم فضلوا تأجيل التوسع لفترة قادمة انتظارا لنتائج شركاتهم النصف أو الربع سنوية قبل قرار التوسع في استئجار مقرات العمل وهذا الهدوء النسبي لم يكن في السابق إلا محدوداً بتلك الفترة ولن يستمر طويلاً بإذن الله ومن يتابع سوق تأجير المكاتب سيلحظ النشاط على الطلب خلال الأيام القادمة وأتوقع أن تشهد الفترة القادمة طلباً كبيراً على المكاتب الاقتصادية وهي المكاتب ذات الأحجام الصغيرة والمتوسطة المشطبة والمجهزة بشكل شبه كامل والتي تعتبر مثالية للمشاريع المتوسطة والصغيرة ولا أتوقع ضعفا في الطلب كما أشيع.
لست أبرر بذلك المبالغة من قبل بعض الملاك للمباني المكتبية في أسعار التأجير إذ إن البعض منهم لم يكن واقعياً في طلب أجرة لسعر المتر ولكن هذا لا يعني توافر عدد من العروض لوحدات مكتبية وبأسعار معقولة وبأحجام مقبولة تعتبر الأقل سعراً مقارنة بكثير من أسعار المكاتب لدول مجاورة كما أن السوق السعودي جاذب وواعد للاستثمارات الأجنبية التي توقع المراقبون أن تجذب عددا كبيرا من الشركات الأجنبية لتأسيس أعمال لها فيه الأمر الذي سيتطلب توافر مساحات مكتبية لتلك الشركات.
وهذا يجعلنا نتطرق اليوم إلى أهمية تلمس المطورين العقاريين إلى حاجة المستفيد النهائي من الوحدات العقارية قبل البدء في تنفيذها وإلا تعرضت استثماراتهم إلى تأخير لذلك الاستثمار كما حصل في بعض المشاريع العقارية أخيراً فنحن اليوم أمام مستهلك أو مستأجر ذكي يعلم تماماً ما يريد ويعي أهمية الاستفادة من كل متر في الموقع وكل ريال سيصرفه لتجهيز الموقع, كما أن الوحدات المكتبية هي جزء أساسي ومهم يجب أن تتوافر للمساعدة على نجاح مساعي الحكومة في استقطاب الاستثمارات الأجنبية.
فقبل أن نتسرع بالحكم على الجدوى من الاستثمار في ذلك القطاع العقاري المهم وهو قطاع المكاتب يجب أن نفهم تماماً الأسباب العلمية لذلك الهدوء الذي مر به ولا نعمم بالحكم على جميع المكاتب إذ إن الطلب على المكاتب لا يتوقف.