السوق المالية وقطاع المقاولات

كم هي عملاقة بعض شركات المقاولات في وطننا سواء من ناحية الحجم والتنظيم أو من ناحية الدور المهم المنوط بها من قبل الحكومة كذراع أساسية لتطوير البنية التحتية، وعلى الأخص قطاع الإنشاء والتعمير، ومع ذلك يخلو سوق المال من أية شركة مدرجة في قطاع المقاولات، لا أحد يعلم على وجه الدقة ربحية تلك الشركات، ولكن هناك مؤشرات تدل على نموها بشكل مذهل، وعلى الأخص في أوقات الازدهار الاقتصادي. لقد خرج من عباءة تلك الشركات رجال إدارة وأعمال يشار لهم بالبنان في المجتمع أسهموا بكل جدارة في التنمية الاقتصادية، ومع ذلك يلحظ البعض أن تلك الشركات لم يكن لها تأثير مهم نسبياً في تنمية الكوادر الوطنية، سواء من الناحية الإدارية أو المالية أو حتى في صلب أنموذج أعمالها الفني، فشركات المقاولات العملاقة تنفذ أعمالها من قبل عشرات الآلاف من العمالة الأجنبية، ويتبوأ غير السعوديين المراكز الفنية والإدارية والمالية المهمة؛ وعذرهم الأساسي يكمن في عدم توافر المواطنين المدربين.
يتساءل كثير لماذا لا تسن التشريعات، التي تحفز تلك الشركات على الالتزام بتدريب المواطنين السعوديين إدارياً وفنياً والالتزام بتوظيف نسبة محددة من المواطنين جوهراً لا شكلاً، وخاصة في الأعمال الأساسية، وأن تكون تلك الشركات معاهد نور وإشعاع لتدريب الشباب السعودي، بل إغرائه بكل السبل لخوض غمار التجربة، وهذا هو الإنجاز الحقيقي للوطن. كما يرى آخرون تشجيع تلك الشركات على مشاركة المواطنين في ملكيتها عن طريق طرح نسبة من ملكيتها للاكتتاب العام.
ولمعرفة الوضع على حقيقته، وللإجابة عن مثل هذه التساؤلات، قد يرى المسؤولون أهمية إجراء دراسة ميدانية علمية متعمقة لتحديد مدى ملاءمة ربط ترسية المناقصات الحكومية بالتزام تلك الشركات بالشراء المباشر من المصانع الوطنية في حالة توافرها، وتوظيف المواطنين في المراكز الإدارية والمالية والفنية المهمة، وعدم الاكتفاء بتحقيق نسبة السعودة شكلاً، إضافة إلى تشجيع ملاكها على إدراج جزء من رأسمالها في سوق المال، لتعم الفائدة على جميع قطاعات المجتمع؛ وأعتقد أن ملاكها أول المشجعين على مثل هذه الأفكار، وهم أول من يتبنى إجراء مثل هذه الدراسة عندها ستتضح الصورة للجميع والله أعلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي