عقدة الثقة بالأجنبي .. كيف نعالجها
لقد سبق أن ألمحت بإشارة ضمنية إلى الوثوق والثقة بما هو أجنبي في مقالي بعنوان ''خواطر عن التأهيل الطبي وما يثار حوله من تشكيك'', المنشور في هذه الصحيفة بتاريخ 7/3/1431 هـ الموافق 21/2/2010, وذلك عندما يفضل حامل التأهيل العالي في الطب من جامعات أجنبية على من يحمل التأهيل نفسه من جامعات سعودية أو عربية. وفي الحقيقة أن عقدة الثقة بالأجنبي هي المسيطرة على عقول بعض المسؤولين في المستشفيات, والشركات والمصارف (البنوك) والمؤسسات الصناعية والتجارية والتعليمية والزراعية, وغيرها من المناشط, ولا تعرف الأسباب الحقيقية وراء ترسخ هذه العقدة رغم أنها ضارة بالوطن والمواطنين اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً, إذ ألاحظ أن عدداً من المواطنين إذا ما جاء الحديث والنقاش حول ارتفاع نسبة العمالة الأجنبية, وتدني نسبة العمالة الوطنية يرددون قولهم إن أسباب ذلك بالدرجة الأولى ما أطلقوا عليـة بالعـامية (عقدة الخواجة), أي الثقة بالموظف الأجنبي أكثر من الموظف الوطني, وهذا التوقع قد يكون صحيحاً - نسبياً - في شركات ومصارف (بنوك) كبيرة, ويوردون أمثلة لذلك عن حالات حصلت, مثل ما سبق أن كتب عنه بتعيين مدير تنفيـذي أجـنبي كـبير في أحـد المصـارف (-البنوك), واعتذار شركة أو شركات كبيرة عن قبول توظيف مواطنين مؤهلين فنياً من كليات التقنية بحجة أن اختصاصاتهم لا تتناسب مع احتياجات وطبيعة العمل لديها, وهذا إن كان ليس عذرا للتهرب من توظيف المواطنين, والتوجه إلى توظيف الأجانب, فإنه يُعد طعناً واضحا في مخرجات التعليم الفني من كليات المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني وغيرها من الكليات الأخرى التي أهلت أعداداً كبيرة من المهندسين في مختلف التخصصات (معمارية, كهربائية, ميكانيكية, زراعية ... إلخ), هذا فيما يترجح لدي لا يمكن القبول به, وأعتقد أن العذر المنوه عنه, وغيره من الأعذار العديدة ما هي إلا مجرد أعذار واهية واهنة للتهرب من توظيف المواطنين ليس أكثر, وهذا تشهد به وقائع وحالات كثيرة مما يحصل على أساس الثقة بالأجنبي, وعكس ذلك عدم الثقة بالمواطن الذي حصل على تأهيـله من داخـل المملكة باستثنـاء من حصـل على مؤهلــه العــالي (ماجستير ودكتوراه) من الدول الأوروبية والأمريكية والكندية والأسترالية .. إلخ, وهذا يُدرك في الممارسات العملية, ولم تجد أو تؤثر الأنظمة والتعليمات التي تقضي بضرورة توطين الوظائف (السعودة), ولا متابعة وزارة العمل, والجهات المعنية الأخرى, وكما نسمع أن تنفيذ نظام الاستثمار أسيء استخدامه عندما يعطى الترخيص لأجنبي يفتتح مطاعم ومحال بيع حلويات, إذ يجري استغلال ذلك في جلب عمالة أجنبية يزيد من مشكلة العمالة السائبة, وهذا قد يكون سببه الثقة بالأجنبي, وكل هذا يلحق الضرر الجسيم باقتصاد البلد, ويتسبب في وجود بطالة مصطنعة غير حقيقية لكون الشركات والمصارف (البنوك) والمؤسسات لا تقبل توظيف السعوديين, وتفضل عليهم العمالة الأجنبية حتى لو كانوا برواتب وأجور ومزايا كبيرة, أفلا يضر ذلك باقتصاد البلد؟ إن من خالف هذا الرأي قد يكون ممن ينطبق عليه المثل (كاد المريب أن يقول خذوني).
ما تقدم ذكره ما هي إلا خواطر مواطن يتألم ويحزن مما يراه, ويسمع عنه من واقع الممارسات العملية التي لا تحتاج إلى إثبات ودليل, وأعتقد أن كل مواطن مخلص يشعر بما أشعر به, وإن كان قد لزم الصمت, أو لا يستطيع أن يعبر عما يجول في خاطره إلا في حديث عابر, أو في مجالس خاصة, وأرجو أن يفيد ما كتبته بصدور توجيهات حازمة لمعالجة كل السلبيات التي ذكرتها حول تفضيل الأجنبي على المواطن في التوظيف من قبل الجهات الرقابية بجد وحزم وخوف من الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور, والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .