الإثنين, 14 أَبْريل 2025 | 15 شَوّال 1446


الأندية الأدبية والتوجه إلى الشباب

تشهد الحركة الثقافية في المملكة في السنوات الأخيرة نشاطا ثقافيا نوعيا، يتجسد في هذه الفعاليات المتميزة التي تناولت فنون الأدب والنقد والثقافة، ومعارض الكتب، وتطوير فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) كما تشهد نوعا من النهضة الثقافية التي تتمثل في أنشطة الأندية الأدبية الـ 16 المنتشرة في مختلف مناطق المملكة التي لامست بذلك رضا المثقف السعودي وأعادت جسور التواصل معه.
لقد أصبحت هذه الأندية بعد تجديد شبابها، وتعيين مجموعة من المثقفين الشباب وذوي الخبرة الأكاديمية والثقافية تقدم مجموعة من الفعاليات المتميزة، كما نرى في تنوع الملتقيات الأدبية والنقدية، فنادي جدة الأدبي الثقافي يقدم: «ملتقى النص» والنادي الأدبي بالرياض يقدم «ملتقى النقد الأدبي» فيما اهتم نادي الباحة الأدبي بعقد ملتقى عن الرواية السعودية، وتخصص نادي جازان الأدبي بعقد ملتقيات عن الشعر، أما نادي القصيم الأدبي فهو يبحث في ملتقياته المختلفة عن الرواية والقصة القصيرة والتراث الأدبي، فيما يعقد ملتقى تبوك الأدبي عن الخطاب الثقافي، وهكذا تتنوع الأنشطة الثقافية، وتتعدد مساحات الفكر والإبداع.
كان التغيير الذي أحدثته وزارة الثقافة والإعلام في مشهد الأندية الأدبية السعودية لافتا، فهي قد جمعت بين التعيين والانتخاب معا، إذ يتم تعيين عشرة أدباء كأعضاء لمجلس الإدارة ثم يتم انتخاب رئاسة النادي وأمانتها وسكرتاريتها من هؤلاء العشرة، وعلى الرغم من أن هذه الطريقة قد لقيت بعض الاستجابة من لدن الأدباء الذين كانوا يطالبون دائما بالتغيير، إلا أنها هوجمت بشدة عند تطبيقها في الصفحات الثقافية من قبل بعض الكتاب والمثقفين، كما أن الاستقالات المتتالية من أعضاء مجالس إدارة هذه الأندية خاصة في الرياض، وجدة، وأبها، وجازان، قد وضعت هذا التغيير الإداري موضع سؤال يثار دائما عند حدوث أية مشكلات تتعلق بتنظيم ندوة، أو إقامة ملتقى، أو أمسية شعرية أو قصصية.
بيد أن ذلك كله لم يمثل عائقا أمام الأندية الأدبية التي لا تعبأ كثيرا باللوائح والأنظمة قدر ما تحمل هما ثقافيا، وتمضي على درب تقديم أنشطة ثقافية متميزة ومغايرة، ومن بين هذه الأندية النادي الأدبي بالرياض الذي شكل التغيير فيه عملا جوهريا متميزا.
كان النادي الأدبي بالرياض ينظر إليه على أنه نادي العاصمة، وبالتالي من المفترض أن تكون أنشطته على قدر كبير من التميز، وهو ما حدا بالدكتور سعد البازعي أن يكثف من أنشطته وفعالياته، وأمسياته الثقافية.. وكانت فكرة النشر المشترك التي طرحها الروائي يوسف المحيميد الذي كان أحد أعضاء مجلس إدارة النادي، بين النادي وبين إحدى دور النشر اللبنانية المعروفة لها ثمرتها في تطوير المستوى الفني والمضموني لإصدارات النادي، حيث أصدر النادي مجموعة متميزة من الكتب والدراسات النقدية والإبداعات الشعرية والسردية والمسرحية، كذلك أنشأ النادي جائزة كتاب العام، وأقام عددا من الورش الأدبية والندوات الثقافية التي تشهد بحضوره المؤثر في المشهد الثقافي، ثم جاء تعيين الشاعر والأكاديمي الشاب عبد الله الوشمي رئيسا للنادي بعد استقالة الدكتور البازعي ليحدث نقلة مهمة في أنشطة النادي، بإضافة موقع له على اليوتيوب، واستمرار عقد ملتقى النقد الأدبي، والتواصل مع مختلف الشرائح الأدبية، والعناية بمطبوعات النادي.
ولا بد أن نشير هنا إلى أفضل تجربة في النشر الأدبي بين الأندية الأدبية، تلك التي يقدمها نادي حائل الأدبي حيث تنشر أعماله أيضا مع إحدى دور النشر اللبنانية، وقدم في ذلك مجموعة رائعة من الكتب الأدبية والإبداعية شعرا ونثرا، فضلا عن عنايته بالكتب والدراسات النقدية.
لقد أثمر التغيير الذي قامت به وزارة الثقافة والإعلام، بيد أن الحاجة إلى تطوير هذه الأندية بحيث تصبح مراكز ثقافية تقدم مختلف أنماط الثقافة، خاصة الثقافة التي يقدمها عصر الاتصال والتقنية، والعناية بالثقافة العلمية، والفنون البصرية، والتشكيلية، والثقافة الإلكترونية مما أصبح ضرورة اليوم تجعل من اقتراب هذه الأندية من الثقافة الراهنة أمرا واجبا لتبقى الثقافة في توهجها الدائم الخصيب، ولكي تؤتي هذه الجهود ثمارها فلا بد أن تكون الشريحة الأكبر في المجتمع محل عناية هذه الأندية وتوجهها وهي شريحة الشباب، ولن يكون ذلك إلا بالخروج من دائرة النخبة، والتوجه إلى هذه الشرائح المهمة، وهذا ما نأمله من القدرات الشابة التي تدير حركة الثقافة وتسير بها نحو الجماهيرية، وإخراج الأندية من عزلتها التي عانتها بفعل أساليب الإدارة القديمة من قبل رؤساء سابقين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي