المرأة ومهنة المحاسبة

إذا هيئ لك زيارة أي بنك حول العالم، وخاصة في المجتمعات الغربية، ستجد أن جل أعمال المكاتب الأمامية fronto ffice في الأعمال المصرفية الظاهرة تشغلها سيدات، هذا ما تراه ظاهراً، ولكن لو أتيحت لك الفرصة أن ترى العمليات الأخرى أو ما يعرف بـ Back office لاكتشفت أن أعمالاً أكثر من أعمال المكاتب الأمامية تدار كلية بواسطة النساء، والسبب يرجع بكل صراحة إلى أن النساء أكثر دقة وجدية في العمل وتحمل مشقة العمل المالي وتفاصيله أكثر من الرجال؛ ومع ذلك أثبتت الدراسات أن تكلفتهن تقل بكثير عن تكلفة نظرائهن من الرجال؛ قد يكون خللاً ولكن هذا هو الواقع ، حتى مع وجود قوانين عدم التمييز.
في مجتمعنا الإسلامي المحافظ، وهذه نعمة من الله، يمكن لنا الاستفادة من هذه الحقيقة أيضاً، وتوظيف النساء خريجات المالية والاقتصاد والتسويق والمحاسبة في البنوك والشركات في الأعمال التي لا تتطلب اختلاطاً مع المراجعين ولا الموظفين الآخرين ووفق ضوابط شرعية. وقد تتساءل عندما تزور أحد الأقسام المالية والمحاسبية في البنوك والشركات الكبرى، حيث ستجد أعداداً كبيرة من الرجال غير السعوديين يتولون أعمالاً مالية تنفيذية يمكن بكل بساطة تشغيل الفتيات السعوديات العاطلات لتوليها بعد تدريب بسيط، بل أكاد أجزم أن هناك مئات المهنيات السعوديات لا يجدن عملاً إلا كمعلمات أو محاسبات في مدارس للبنات، أو الانتظار في البيت تعيش على الأمل البعيد. هذا خلل يقتضي النظر فيه بروح العصر وبما يتماشى مع ديننا الحنيف، وفيه نفع كبير وعائده عميم على الاقتصاد الوطني.
قد يقول قائل ولماذا لا نستفيد من الشباب لملء هذا الفراغ؟ الرد بكل بساطة أن الأعمال التنفيذية البسيطة لا يقبلها كثير من الشباب وخاصة المحترفين منهم، ويتطلعون عادة لمراكز أكثر احترافية ، ربما لا تأتي أحيانا إلا بعد ممارسة شاقة للأعمال التنفيذية البسيطة، فكم من مدير في شركة أو بنك عالمي بدأ حياته العملية كصراف أو مدخل بيانات وغيرها، الاستعانة بالعنصر النسائي في هذه المرحلة منافعها تفوق التضحيات والله أعلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي