انتشار المصرفية الإسلامية فرصة لنشر الأخلاق الإسلامية

عصفت الأزمة المالية التي بدأت نهاية عام 2008 بأحوال الأنظمة الاقتصادية وذاق ويلاتها العديد من المصارف والمؤسسات المالية في مختلف أنحاء العالم، إلا أن هناك العديد من الجوانب الإيجابية التي أتاحتها الأزمة ومنها بلا شك أنها منحتنا فرصة كبيرة للانطلاق والانفتاح حول العالم، كما أنها وجهت أنظار العالم لهذه الصناعة المصرفية الإسلامية كونها الأكثر أمانا والأقل مخاطر ما سارع في انتشارها ودخولها في بلاد عديدة لم تكن تولي جانب الأسلمة اهتماما في أي من نواحي الحياة عندها.. هذه الفرصة التي عقبت الأزمة المالية يمكن أن تكون سلاحا ذا حدين فهي فترة اختبار للمصرفية الإسلامية هل تثبت نجاحها أم فشلها، ولو فشلت فقد يصعب عليها النهوض من جديد.. بعيدا عن هذا الأمر والذي نوقش كثيرا في مؤتمرات ودراسات ثَم أمر آخر ينبغي الانتباه له مع هذا النمو السريع للمصرفية الإسلامية وهو أنها فرصة عظيمة لنشر الأخلاق الإسلامية فإن هذه المصارف تحمل رسالة عظيمة في طياتها، وينتظر العالم أن يرى في هذه المصارف أمرا مختلفا عما اعتاده من المصارف التقليدية، ومن المعلوم أن العديد من الدول الإسلامية ذات الكثافة السكانية العالية دخلها الإسلام عن طريق التجار المسلمين.
قبل فترة وجيزة أعاد قرار بعض البنوك الإسلامية في المنطقة والخاص بفرض الحجاب على العاملات والموظفات داخل هذه البنوك، أعاد إلى الأذهان سيرة الأيام الأولى للمصرفية الإسلامية والتي سعي روادها في ذلك الوقت إلى تحقيق جملة من الأهداف التنموية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية، كما أثار في الوقت نفسه جملة من الأسئلة تتعلق بقدرة هذه البنوك على تحقيق أهدافها الشمولية والأخلاقية والتي كانت محل الاعتبار حين نشأة المصرفية الإسلامية، وهو أمر مهم ينبغي أن توليه هيئات الرقابة الشرعية اهتماما أكبر خاصة بعد مضي أربعة عقود على نشأة المصرفية الإسلامية.
ثم أمر آخر هو أن هذه المصارف الإسلامية ينبغي أن يكون لها دور مهم في البلدان غير الإسلامية، فكما سبق فإن الإسلام قد دخل إلى العديد من البلدان التي تعتبر أكثر المسلمين كثافة عن طريق التجار المسلمين ما يعني أن التاجر المسلم إذا دخل أرضا فإنه يحمل رسالة سامية قبل أن يهدف إلى تحقيق الربح، وما يزيد من المسؤولية على هذه المصارف في تلك الدول هو أن أحوال المسلمين في أغلب الدول غير الإسلامية ليست جيدة فهم الأقل تعليما والأسوأ ماديا في الغالب بين أفراد هذه المجتمعات، فإذا ركزت هذه المصارف على تمويل الأغنياء والمشاريع الكبيرة فقط فلن يكون لها دور في رفع المستوى الاجتماعي للمسلمين هناك وهو أمر يتوقعه أولئك من هذه المصارف، وفي تمويل مشاريعهم الصغيرة ربح للمصرف وأداء لدور اجتماعي مهم.
بقي أن نقول إن الإسلام دين الأخلاق وأن على المصارف الإسلامية أن تكون حريصة على ألا تظهر بصورة الجشع والاحتكار والغش الذي أصبح وسمة عار على جبين المصرفية التقليدية، وأن تحمل في طياتها رسالة الإسلام ويتبناها العاملون فيها من رأس الهرم إلى آخره فإنه كما سبق لو فشلت التجربة في هذا الوقت الحساس ربما لا تنهض من جديد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي