جلب الخبراء للشركات العائلية

بعث إليّ سلطان التركي بتعليق على مقالاتي عن الشركات العائلية، ضمنه رأيه حول مزايا وتحديات دخول أعضاء من خارج العائلة في مجلس إدارة الشركات العائلية في مرحلة معينة من مراحل مسيرتها. وتركي يرأس مؤسسة النهلة التي كونت أول منتدى عربي لشؤون الشركات العائلية تحت اسم "ثروات". وبدأ اهتمامه بهذا الموضوع منذ أن حضر دورة متخصصة عن الشركات العائلية في المعهد الدولي للتطوير الإداري في مدينة لوزان في سويسرا في عام 2006. وارتأيت عرض أهم أفكار هذه المداخلة لفائدة المهتمين من القراء الذين تابعوا سلسلة مقالاتي عن الشركات العائلية.
يرى التركي أن بعض الشركات العائلية تصل إلى مرحلة تحتاج فيها فعلا إلى خبرات وكفاءات متخصصة من خارج نطاق العائلة من أجل ضمان استمرار نجاحها وبقائها. وهي الحاجة التي تظهر إما لأن العائلة ليس لديها ضمن أعضائها خبراء مؤهلون نظرا لصغر حجم العائلة، وإما لأن بعضهم لا يفضل من حيث المبدأ الدخول في إدارة الشركة، أو ربما بسبب توسع نشاط الشركة بحيث لم يعد الموجود من أعضاء العائلية يكفي لإدارتها. لذا فإن توظيف خبراء من خارج العائلة في مجلس إدارتها يمكن أن يعوض افتقار أعضاء العائلة إلى الخبرة الكافية في إدارة شؤون الشركة عند انتقالها من جيل إلى آخر. كما أن ضم أعضاء متخصصين من غير أفراد العائلة إلى مجلس إدارة الشركة يساعد في حالات معينة على إزالة أو تخفيف التوتر بين أعضاء العائلة في مجلسها. أما أهم مزايا هذا الضم فهي أن الخبراء المتخصصين سيكونون مصدرا جيدا لدعم الشركة بأفكار جديدة وتعزيز شبكة اتصالاتها التجارية، وهي مهام تغدو ضرورية في مرحلة ما من مراحل توسع الشركة وولوجها في أنشطة وأسواق جديدة. وهذا يمكنها من ابتكار سلع أو خدمات تساير التطورات المستمرة في مجال نشاط الشركة ويعزز قدرتها على المنافسة. ومن ناحية أخرى فإن أصحاب الخبرة يستطيعون دعم مستوى الاحتراف الإداري للشركة عند مختلف مستويات الإدارة. وستكون لخبرتهم دور مهم في رسم خطة الشركة وسياساتها الاستراتيجية، بما في ذلك وضع خطط وضوابط انتقال السلطة من جيل إلى آخر، فضلا عن قدرة هؤلاء على اتخاذ قرارات موضوعية تتعلق بأداء الشركة واستثماراتها.
هذا من ناحية حاجة بعض الشركات العائلية إلى جذب خبراء من خارجها، فماذا عن الخبراء أنفسهم؟ لماذا يقبلون العمل في شركات عائلية؟ المعروف أن لأغلبية الشركات العائلية توجهات استراتيجية طويلة الأجل، وملاكها يقيمون علاقاتهم التجارية بناء على الثقة قبل أي اعتبار آخر. إذ غالبا ما تأتي القيم والاعتبارات الأسرية قبل القيم والاعتبارات التجارية! ولعل هذا هو أحد الأسباب التي تجعل كبار أعضاء الأسرة يفضلون الاحتفاظ بالمناصب الرئيسة في أيدي أعضاء الأسرة. فإذا كان الأمر كذلك، لماذا يقبل المحترفون وأصحاب الخبرات من غير أعضاء العائلة العمل في وسط عائلي يقوم على محاباة الأقارب nepotism أكثر من مراعاة دواعي الاحتراف؟ يعتقد التركي أن لهذا عددا من الأسباب المحتملة منها:
1- أن بعض الشركات العائلية تقدم لهؤلاء المحترفين والخبراء الأجانب مزايا وحوافز أكثر من تلك التي تقدمها الشركات غير العائلية.
2- تمتاز بيئة العمل في الشركات العائلية بأنها أكثر حيوية، وأقل بيروقراطية.
3- العمل بالقرب من أصحاب النفوذ والسلطة، يكون أحيانا أفضل من تحمل مسؤولية السلطة.
4- بعض الشركات العائلية توفر مسؤوليات أكبر وفرصا وظيفية أفضل.
5- بعض الخبراء يفضلون العمل في شركات عائلية معينة نظرا لإعجابهم وتقديرهم لقيم ورسالة وبيئة هذه الشركات.
6- وأخيرا، فإن قدرة الخبير على تحقيق إنجازات مميزة وبناء علاقات قوية مع أعضاء العائلة قد تدفع ملاك الشركة إلى عرض نسبة معينة من ملكية الشركة على الخبير الأمين المتخصص، ومن ثم إتاحة الفرصة له للعمل في بيئة عمل أكثر حميمة وتكوين ثروة لا يحققها عند العمل في شركات أخرى.
ضم خبراء من خارج نطاق العائلة لمجلس إدارتها يحقق مزايا مهمة تعزز مسيرة الشركات العائلية عند انتقالها من جيل إلى آخر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي