«الطفيلي يعيش في الظلام»
الطفيلي (Parasite) وحسب الويكيبيديا (الموسوعة الحرة) عبارة عن متعضية تمضي وقتاً طويلاً من حياتها ضمن نسيج حي لمتعضية أخرى مما يسبب أذى للمتعضية المضيفة.
وتظهر الطفيليات قدراً كبيراً من قابلية التكيف يسمح لهم باستنزاف مقدرات المضيف.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل هناك أشخاص على نفس الشاكلة؟
بالتأكيد هناك من يسمى بالعامية (لزقة المجلس) فلا تكاد تمر على مجلس من المجالس أو ديوانية إلا وتجده مردداً كالببغاء أخباراً وأقوالاً سمعها، وهل تظن أنه وعاها؟ بالتأكيد لا،
مثل هذا لا تتوقع منه أن يوقد شمعة ولكنه همه لعن الظلام في كل مجلس يدخله.
وهناك المحرر الطفيلي، هذا الذي لا يضيف شيئاً لصحيفته بقدر ما يستنزف جهد الصحيفة بالتصحيح والتوضيح وإزالة لبس أخباره المشككة.
عن حفص بن عاصم ـ رضي الله ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "كفى بالمرء كذباً أن يحدًث بكل ما سمع" رواه مسلم.
فالحديث متوجًه إلى عامة الخطاب بين الناس، في غير موضوع حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل فيما يطرأ لهم من كلام عام فيه شؤون الحياة والناس، وصدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن الله قد وهب الناس نعمة العقل لينقًحوا به ما يصل إلى الآذان وليحكموه فيما ينطق به اللسان، والناس، جل الناس، يميلون إلي بعض المبالغة أحيانا وإلى الكثير منها أحيانا أخرى، حسب المناسبة وحسب المتكلم، فإن ذهب المرء يحكي كل ما يسمع، كان في غالب الآمر، حديثه مخلوط بكذب لا محالة، فالناس بحكم العادة "يتوسعون" في كثير من الأحيان، فما يروون يحكون، ورواية كل أقوالهم تجعل التوسع العادي في الحديث كذباً إذا صار الكلام رواية تنقل وأحاديث تروى يبنى السامع عليها مواقف وآراء, وهي في بداية الأمر، ما كانت إلا قولا عابراً لم يسمح قائله بنقله عنه، فصار الراوي بذلك كاذباً. والله تعالى أعلم (د. طارق عبد الحليم).
عتبنا وتبكيتنا لبعض الصحف التي تهتم بنشر الخبر والموضوع ولا تعطي نفس الاهتمام لمدى صحة ومصداقية الخبر أو الموضوع، وكما أن هناك المحرر والمصور papparazzi (بابا راتزي) الصحافي الطفيلي هناك كاتب العمود الطفيلي. هذا الكاتب الذي يعتاش على الأخبار والإحصائيات الإنترنتية، فهو لا يكلف نفسه عناء البحث والتقصي عن المعلومة الصحيحة وعليه أن يعرف أن من حق القارئ عليه وعلى الصحيفة أن يحصل على المعلومة ومصدرها خصوصاً إذا كانت المعلومة تحتوي على أرقام ونسب ومقارنات مهمة.
إذاً فالطفيليون بأنواعهم وأشكالهم علينا تسليط الأضواء عليهم.
فالطفيليات تعيش فقط في الظلام.
قال تعالى " الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب" سورة الزمر آية 18.
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " رواه البخاري ومسلم،
قال الطفيلي:
لا تجزعن من الغريب ولا من الرجل البعيد
واطرح حياءك إنما وجه الطفيلي من حديد