ورحل صديق والدي .. محمد العيادة
.. وعدنا لنقلب أوراق الماضي, ونتذكر أياما قد مضت و لحظات حفرت في داخل القلب لم ولن تزول يوما ما , نعم إنها لم تفارقني يوما ولكنها عادت للذاكرة عندما اهتز جسدي و سقطت دمعة من عيني , نعم لقد اهتزت الذاكرة لتغوص في أعماق ذكرى زاد عمرها على ثلاثة عشر عاما بخبر وفاة الأستاذ محمد بن صالح العيادة (أبا بندر ) رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
#2#
في واقع الأمر لم يكن لي علاقة مباشرة بأبي بندر ولكن شاء قدر الله سبحانه أن أكن له محبة كبيرة جدا ربما لم أكنها لكثير ممن عرفتهم وقابلتهم, لقد كان أبا بندر صديقا لوالدي عبد الله بن عجلان العجلان صاحب معرض العجلان للشماغ والملابس ،الذي كان من أوائل التجار العاملين في مجال الملابس وبالتحديد في شارع الثلاثين ( شارع الأمير سلطان مع تقاطع التخصصي) منذ أكثر من 27 عاما مضت , وبعد أن توفي والدي عبد الله منذ قرابة ثلاثة عشر عاما وأغلق معرضه التجاري لصغر سني وسن إخوتي آنذاك كنت بعدها بزمن يسير أتصفح صحيفة الرياض وإذ بي أجد مقالا للأستاذ محمد بن صالح العيادة كتب عنوانه وبالخط العريض " أبو عجلان غاب عن الثلاثين" , وبعد قراءتي ما كتب رحمه الله أدركت أنني أقرأ كلمات كتبها رجل عظيم، كلمات نابعة من قلب صادق ومخلص لا يستطيع أن يسطرها إلا رجال قلائل , رجل أبت أخلاقه الطيبة ألا تنسى صديقا له انتقل من دار إلى دار , فرحمك الله أبا بندر فقد كنت نموذجا مثاليا للصديق الصدوق الصادق الذي أحب صديقه ووفى له ولم ينسه بعد وفاته.
إن من قرأ ما سطره أبا بندر في ذلك المقال يجد أيضا روح المواطن الغيور على وطنه، المخلص له والساعي إلى تقدمه ونمائه , نعم نستطيع إدراك ذلك عندما أبدى أبا بندر إعجابه بما قام به أبا عجلان ووقوفه في معرضه بنفسه منافسا عددا كبيرا من العمالة الأجنبية التي كانت آنذاك تنافس أبناء الوطن منافسة شرسة في عدد كبير من المجالات.
نعم لقد ذكر أبا بندر أبي كنموذج مشرف للرجل السعودي المكافح ،الذي يفتخر به كل مواطن سعودي , وذكر أبا بندر ذلك إنما هو فخر بصديق ورسالة موجهة إلى أبناء الوطن ليقول لهم كافة كونوا ذلك الرجل وانهضوا ببلادكم فكلنا نستطيع أن نعمل الكثير لوطننا , فما أروعك أبا بندر وأنت تحمل هما صادقا ومشرفا لوطنك وأبنائه.
لم يكن يجول في خاطري عندما قرأت ما سطره محمد العيادة في مقاله عن والدي أنني وبعد مرور 13 عاما سأكتب مقالا في ذلك الصديق الوفي, بل هل جال في خاطر أبي بندر عندما كتب ذلك المقال في أبي أن ابن صديقه سيرثيه بمقال مماثل؟ فما أعجب هذه الدنيا وما أصغرها , ولا ندري ربما بعد زمن بعدما كنت راثيا أكون مرثيا, فالله نسأل حسن الختام.
ختاما أقول إن مشاعر الحب والتقدير لأبي بندر كانت حبيسة داخلي سنوات طويلة وأحمد الله عز وجل أنني استطعت أن أقولها لآلاف من الناس , ولعلنا نأخذ درسا وعبرة من مواقف رجال رحلوا وتركوا بصمات لا تنسى, فرحم الله الصديقين أبا بندر وأبا عجلان وجمعنا وإياهما في الفردوس الأعلى من الجنان.