طبيب .. تحتاج إليه المؤسسات

المرض حالة تعيشها المؤسسة كما يعيشها الإنسان، والمرض عندما يلم بالإنسان قد تصحبه أعراض واضحة للعيان، أعراض تشعر هذا الإنسان بأن هناك شيئا ما في جسده لا يعمل بطريقته الطبيعية المعتادة، في هذه الحالة يبادر إلى الطبيب طالبا أسباب الاستشفاء، وأحيانا أخرى قد لا يشعر هذا الإنسان بأنه مريض، قد يشعر بأنه متعب بعض الشيء أو أنه مرهق أو أنه لا يزاول نشاطه على أكمل وجه، في هذه الحالة لا يستطيع الإنسان أن يحدد موضع الألم بالضبط أو تحديد مكان العلة التي تولد لديه الشعور بالتعب أو الإرهاق، ومن ثم في أغلب الأحوال قد يعرض عن الذهاب للطبيب؛ فهو يرى أن الأمر لا يمكن وصفه بالمرض الذي يستدعي الذهاب إلى الطبيب، وربما هذا التهاون يستتبعه زيادة في أعراض المرض ليجد نفسه فجأة طريح الفراش، وفي حالات أخرى يصاب الإنسان بمرض قاتل يسري في الجسد دون أن تكون له شواهد واضحة، ويتم اكتشاف المرض بعد أن يكون قد تمكن من الجسد. في عالم المؤسسات تحدث أيضا هذه الحالات، فهناك مؤسسات تظهر لديها أعرض المرض بشكل واضح ومؤثر مثل أن تنخفض مبيعاتها بشكل كبير في أسواقها، وهناك مؤسسات تشعر فقط بالتعب والإرهاق دون وجود شواهد على تفشي المرض في أجزائها، مثل أن تزداد حدة الصراعات بين الموظفين، أو ينخفض حماس الموظفين في العمل، أو تنتشر بعض الشائعات في المؤسسة. وهناك مؤسسات يتسرب عملاؤها رويدا رويدا إلى منافسيها بسبب انخفاض جودة منتجاتها أو تقديم منافسيها عروضا أفضل أو اقتراب منافسيها من عملائها بصورة أكبر؛ حتى يفقد جهاز المناعة قدراته تماما وتنهار المؤسسة انهيارا كاملا. وإذا كان هناك الإنسان يحرص على إجراء فحوص دورية للتأكد من صحته العامة واكتشاف الخلل قبل أن يتحول إلى مرض، فهناك مؤسسات - بالطبع ليست في عالمنا العربي - تحرص على فحص أجزائها والتأكد من أن جميع المكونات تعمل بكامل طاقتها وعنفوانها. في جميع الحالات تحتاج المؤسسة دائما إلى طبيب يتولى مهمة التشخيص المبكر والتعامل مع أية أوجاع طارئة. والطبيب دائما يملك أدوات تساعده في رؤية ومعرفة أشياء لا تلاحظها المؤسسات ولا تدرك مسبباتها. والطبيب أيضا دائما ما يكون حياديا، ومن ثم فهو من المفترض أنه يملك القدرة على تقييم وتحليل أوضاع المؤسسة بشكل موضوعي بعيدا عن العواطف والتحيز الشخصي، ليس هذا فقط، بل إن الطبيب أو الاستشاري يملك رؤية شاملة تضع في اعتبارها المتغيرات الداخلية والخارجية المؤثرة في عمل المؤسسة، وبالطبع يجب أن تدرك أي مؤسسة تسعى للاستعانة بطبيب أو استشاري يساعدها على تعديل وتطوير أوضاعها أن هناك طبيبا ماهرا يستطيع أن يشخص موطن الداء بسرعة وبدقة، ومن ثم يستطيع أن يقدم حلولا مؤثرة، وهناك طبيب يجتهد ولكن خبرته العملية أو العلمية لا تسعفه في التشخيص الدقيق لموطن الداء، ومن ثم يقدم حلولا منقوصة وغير مؤثرة، وهناك طبيب أو استشاري يملك حلولا معلبة سابقة التجهيز في معامل أجنبية بعيدا عن الواقع الذي تعيشه المؤسسة وطبيعة الأمراض التي تعانيها. إنها دعوة إلى كل المؤسسات في عالمنا العربي نحثها من خلالها على الاستعانة بطبيب أو استشاري يملك الخبرة العلمية والعملية التي تؤهله لتشخيص وعلاج أمراض وأعراض ربما تعصف بطموحات وأهداف تلك المؤسسات في عالم الأعمال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي