الإفصاح والشفافية في المصارف الإسلامية
تعد معايير الإفصاح والشفافية من المهام الأساسية التي تقع على عواتق إدارات المصارف الإسلامية، وتشكل جزءاً مهماً من مسؤولياتها، وبالتالي عليها أن تكون مسؤولة عن شفافية المعلومات وصحتها وتوافرها في الأوقات المناسبة لعملاء المصرف الإسلامي والمساهمين والجهات التي تعمل في مجال تقييم المعلومات ومخاطرها، وهي أساس الممارسات المثلى في مجال العمل ليصبح لدى المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية منظومة إدارية خاصة يقيم الأداء من خلالها ويساعد على توفير الثقة والسلامة والشفافية الفاعلة والسليمة للعمليات المصرفية الإسلامية، ويهدف إلى تحسين كفاءة وأداء الأعمال المصرفية الإسلامية كما يؤدي إلى مكافحة الفساد.
والإفصاح والشفافية والوضوح تحقق الأهداف التي تكون في مصلحة عملاء المصرف ومساهميه وتعتمد على الأنظمة القانونية والنظامية، إضافة إلى عوامل أخرى مثل أخلاقيات الأعمال المصرفية من ثقة وصدق وأمانة. ومن أهم المعلومات التي يجب الإفصاح عنها المعلومات المحاسبية والقوائم المالية الخاصة بالمراجعة الداخلية وطرق اختيار الأساليب المناسبة والسليمة لتحقيق خطط وأهداف المصرف، وهو ما يلقى بمسؤولية كبيرة على عواتق أعضاء مجلس إدارة المصارف الإسلامية، حيث يتم تحويل معظم المهام إلى المديرين التنفيذيين الذين منحوا مسؤولية الالتزام بالعمل من قبل أعضاء مجلس الإدارة وفقا لنظم وقوانين “بازل” المنظمة للبنوك والمصارف في جميع أنحاء العالم، حيث إنه من الصعب على المساهمين وعملاء المصارف أن يراقبوا بشكل صحيح وفاعل أداء إدارة المصرف في ظل نقص الإفصاح والشفافية. وعلى مجلس الإدارة أن يراقب الأهداف الاستراتيجية للمصارف الإسلامية ومصالح حملة الأسهم والعملاء ويضع حدوداً واضحة للمسؤوليات والمحاسبة، وذلك للتأكد من وجود مبادئ ومفاهيم للإدارة التنفيذية، بحيث تتم أنشطة المصرف وفقاً للسياسات والنظم التي وضعها مجلس الإدارة ووفقاً لنظام الرقابة الداخلية، على أن تتناسب سياسات الأجور والمكافآت مع أعمال وأهداف البنك وأن تقدم حوافز للإدارة العليا والمديرين التنفيذيين بما يحقق نجاح ونمو أعمال المصارف الإسلامية، وتتم الحوكمة المصرفية من خلال الإفصاح والشفافية والإدارة الرشيدة.
لقد أقرت لجنة بازل مبادئ الحوكمة في المصارف بحيث يكون أعضاء مجلس الإدارة مؤهلين تماماً لمراكزهم وأن يكونوا على معرفة بالحوكمة وبالقدرة على إدارة العمل المصرفي بنجاح وكذلك المديرين التنفيذيين، فنحن نعيش عصر تطورات سريعة في الأسواق المالية والتكنولوجية، فيجب على المصارف تطبيق مبادئ الحوكمة مع الالتزام بالإفصاح والشفافية حتى تنخفض ـــ بإذن الله ـــ درجة المخاطر ويقل تعثرها.
إن ضرورة إعداد الهيكلة الإدارية، والخطة التنظيمية الخاصة بكل مصرف إسلامي توضح مهام مجلس الإدارة، بما يضمن القيام بسلطة الإشراف من قبل المجلس، مع ضرورة فصل مهام رئيس مجلس الإدارة عن المدير العام التنفيذي، وبيان المؤهلات الرئيسة اللازمة لمجلس الإدارة، وما يتعلق بموضوع المؤسسات المالية الإسلامية، ويجب على كل مجلس إدارة أن يتأكد من أن مؤهلات أعضائه تتوافق مع احتياجات التشغيل المالي والعمل الاستثماري، وعلى مجلس الإدارة أن يكون لديه المعرفة والخبرة في المجالات المالية، والتمويلية والمحاسبية والتسويقية، والإسلامية الشرعية المالية بحيث يشكل المجلس فريق عمل متكافئا ومتكاملا ليتمكن من تحقيق الأهداف.
وحتى تنجح الضوابط الداخلية لا بد من تدعيمها بمؤسسات خارجية تتفق مع ظروف الاقتصاد، وتعي البيئة الاجتماعية والتقاليد، ولا بد من دعم هذه المؤسسات الخارجية بقوانين حقوق الملكية وقوانين منظمة الشفافية وإشهار الإفلاس وبمقومات سوق أوراق مالية وربما يكون الحافز على اتباع نظام الحوكمة مناسبا لاستثماراتهم مع العمل على الحفاظ على حقوق الجميع لتوفير مصادر تمويل محلية وعالمية للمصارف الإسلامية سواء من خلال صناديق الاستثمار الدولية أو عبر أسواق المال عند عرض أي مشروع، ضمن المشاريع الجديدة التي تحتاج إلى تمويل، وخاصة في ظل تزايد سرعة حركة انتقال التدفقات المالية في أسواق مالية متخصصة.
إن الدول الإسلامية في حاجة إلى وضع أنظمة قانونية تكون صمام الأمان الضامن لحوكمة جيدة للمصارف الإسلامية بهدف دمجها في المفاهيم العامة للعادات والتقاليد الإدارية وتصبح منهجا معتمداً لتعزيز الثقة وحماية حقوق المودعين والمساهمين وتخفض من المخاطر وتحسن من مستوى ودقة وشفافية البيانات والمعلومات، حيث تساعد على حسن الأداء التشغيلي وتنمية الاستثمار والمدخرات وتعظيم الربحية وإتاحة فرص عمل جديدة، لنجاح عملية الحوكمة يجب ترسيخ الشفافية والإفصاح فإذا لم يحصل المساهمون وأصحاب المصالح على معلومات كافية عما يحققه المصرف من أهداف ونمو في القوائم المالية وما يعترضه من خطر فهذا سوف يسبب خللاً في انضباط السوق.
كما أن الحوكمة هي تنظيمات وتطبيقات وممارسات سليمة تطبقها المصارف الإسلامية لتحقيق المعاملة العادلة لحملة الأسهم والسندات والعاملين في المصارف لإثبات حقوقهم والتأكيد على تحميل المسؤولية على مجلس الإدارة من أجل الحرص على الإفصاح والشفافية والتأكد من كفاءة تطبيق الإجراءات التشغيلية، بمعزل عن الآراء والمصالح الشخصية، وبالتالي يتم حسن توجيه الأموال إلى الاستخدام الأمثل لها، منعاً لأي من حالات الفساد. إن الشفافية تمثل مطلباُ شديد الحساسية من وجهة نظر البنوك التقليدية ووجود رقابة وإفصاح وشفافية على المصارف الإسلامية شرط ضروري ومهم للحفاظ على قطاع المصارف الإسلامية لتبقى قوية وسليمة وآمنة، مما يستلزم وجود رقابة شفافة للحفاظ على مصالح أصحاب الودائع الذين تقوم علاقتهم مع المصرف الإسلامي على الثقة كأساس، حيث إن البنوك الإسلامية وصلت إلى مستوى متقدم من الشفافية والإفصاح ليس بأقل من البنوك التقليدية، وتزيد أهمية الشفافية للمصرفية الإسلامية باعتبار أنها انفتحت على العالم الخارجي في تعاملاتها اليومية، فإنها مطالبة بتحقيق نوع من التوافق مع القواعد والأعراف المصرفية الدولية وعدم الإخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية السمحة لنضمن الاستمرارية.