جمعية «إنسان» والشؤون الاجتماعية ورعاية الأيتام

الاهتمام بالإنسان ورعايته وتربيته وحسن تعليمه وتوجيهه وجعله إنسانا صالحا منتجا هو الرسالة الأساسية في مسؤولياتنا في حياتنا الدنيا، وكلما اهتممنا بالاحتضان والرعاية به كانت حياتنا أجمل وأيسر وأقل مشاكل وكلما خذلناه وقهرناه وهمشناه كانت الحياة أصعب والمشاكل أكبر والدمار والخراب أكثر وأكبر، ولهذا اعتنى الإسلام بالإنسان وجعله محور العمل والتميز وجعل الاهتمام به وبمتطلباته أساس الحياة وديمومتها، وتعرف وتُعرف المجتمعات المتحضرة في قدرتها على تحقيق ذلك، فكلما كان الاهتمام بالإنسان أفضل ارتقى المجتمع في السلم الحضاري، وتحرص الدول المتقدمة على رعاية وتعليم وتدريب الإنسان، ويكون الحرص أكبر والاهتمام أشمل كلما كان ذلك الإنسان أحوج للرعاية والاهتمام لأسباب إنسانية أو صحية كفقد والديه أو إصابته بإصابة معيقة تتطلب رعايته والاهتمام به.
إن تجربة الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام ''إنسان'' في رعايتها واحتضانها للأيتام تجربة تستحق الوقوف معها وفيها للدراسة والتأمل واستنباط التجارب الإيجابية الناجحة لأنها اهتمت بجعل الطفل اليتيم جزءا من المنظومة الإنسانية الاجتماعية ضمن الأسرة السعودية ولم تجعله معزولا عن أفراد الأسرة والتعايش معهم واكتساب المعارف والسلوك الإنساني السوي، هذا الاهتمام الذي أخرج الطفل اليتيم من العزلة وعدم تركه يعيش على هامش الحياة ينمو ويكبر ولا تنمو ولا تكبر معه مشاعره وانتماؤه للوطن وإنسانه، لأن انصهار هؤلاء الأطفال الأيتام في المجتمع واحتضانهم ورعايتهم من خلال الأسر السعودية وإعطاءهم الفرصة للعيش ضمن أفراد الأسرة هو البناء الحقيقي السوي السليم للإنسان منذ نعومة أظفاره لأن تركه يعيش ضمن مجموعة كبيرة من أقرانه في مجتمع ذكوري فقط أو أنثوي إن كان ذكرا أو أنثى فقط، ويتم التعامل معهم وفقاً لنظام القطيع أو الآلة من خلال النوم والأكل والعمل والتعلم، كما يحدث في بعض دور رعاية الأيتام التي يعيش فيها الطفل والشاب حياة منفصلة عن مجتمعه الطبيعي الإنساني في الحياة اليومية الطبيعية مع الأسرة الطبيعية المكونة من أفرادها الكبير والصغير الذكر والأنثى وعلاقتها الطبيعية مع الأقارب والأصدقاء.
إن توجه وزارة الشؤون الاجتماعية باحتضان الأيتام وبالتعاون مع مؤسسات رعاية الأيتام وعلى رأسها جمعية إنسان التي أتمنى أن تنشر خيرها على كامل رقعة المملكة العربية السعودية، بحيث يستفيد كل الأيتام من النهج والطريقة المتميزة التي تقوم عليها جمعية إنسان لرعاية الأيتام بمنطقة الرياض.
كما أن دعم وزارة الشؤون الاجتماعية لهذه الخطوة المباركة في رعاية الأيتام من خلال تخصيص مبلغ خمسة آلاف ريال لكل أسرة ترعى طفلا أو طفلة، وهذا المبلغ يتضاعف بتضاعف عدد الأفراد الذين ترعاهم الأسرة الواحدة وفقا للضوابط التي وضعتها الوزارة في هذا الشأن، هذه المبادرة المباركة والمعضدة لدور الجمعية سوف تحقق العديد من الأهداف الإنسانية السليمة وأولها وجود حاضنات إنسانية لهؤلاء الأطفال ضمن أسر طبيعية، وثانيها أنها تحقق للأسر متوسطة الدخل والأقل دخلا، مدخولا ماديا جيدا يعينها على مشاق الحياة، ويجعل من هذا الطفل القادم الجديد بركة على الأسرة الجديدة، وثالثها هو تحقيق إلغاء دور رعاية الأيتام والاستغناء عنها.
إن الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام ''إنسان'' عندما تضع رؤيتها ورسالتها لتقديم الرعاية المادية والمعنوية للأيتام ومن في حكمهم منذ احتياجهم للرعاية والاهتمام والعمل على تدريبهم وصقل قدراتهم ومواهبهم حتى يستطيعوا الاعتماد على أنفسهم ثم رعاية غيرهم من المحتاجين، هذه الرعاية التي تشمل في المقام الأول الرعاية الإنسانية والصحية والتعليمية لليتيم والحرص على تأهيل الأيتام لمواجهة متطلبات الحياة وصعوباتها وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والنفسي لهم من خلال تأهيلهم للحصول على فرص العمل مستفيدة الجمعية في ذلك مما توفره من دعم من خلال التبرعات والهبات والصدقات والزكوات والعمل على إيجاد الأوقاف واستثمارها بما يحقق عائدا مستداما يتم توجيهه لأعمال الجمعية ويضمن لها الاستمرار في برامجها ونشرها على مستوى منطقة الرياض أولاً ثم بقية مناطق المملكة مستقبلاً - إن شاء الله.
إن الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام ''إنسان'' وهي تعمل من أجل رعاية الأيتام فإنها تؤهل هؤلاء الأطفال من خلال غرس مبادئ الدين الإسلامي الحنيف والقيم العربية الأصيلة دون إغفال أو إهمال لعاداتنا وتقاليدنا السعودية، وهي بهذا التأهيل والتربية تؤهل الطفل للانضمام إلى الأسر الحاضنة والراعية له من خلال التعاون والتضامن بين قطاعات الدولة المختلفة المتمثلة في الدعم المادي من وزارة الشؤون الاجتماعية الممثلة للحكومة والتأهيل والتدريب من خلال الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام ''إنسان'' الممثلة لمؤسسات المجتمع المدني وقيام المواطن باحتضان الطفل أو الطفلة ضمن أسرته، هذا التكامل التنموي الإنساني هو ما يميز التجربة السعودية عن غيرها، وهو ما أتمنى أن أراه كنموذج عالمي لرعاية الأيتام وتربيتهم وحمايتهم وتأهيلهم حتى يكونوا مواطنين صالحين منتجين لخدمة البشرية جمعاء.
بارك الله في هذه الجهود ووفق الجميع لما يحب ويرضى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي