دور العملاء في الضبط الشرعي
من الملاحظ التوسع العالمي في قطاع الصناعة المصرفية الإسلامية والذي بات لا يحتاج معه إلى دليل فقد توسعت المؤسسات المالية الإسلامية في طرح المنتجات المعتمدة من هيئات شرعية لتلبي احتياجات العملاء المختلفة، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه دائماً هو: ما مدى التزام هذه المؤسسات المالية بتطبيق قرارات الهيئة الشرعية لديها؟ وهو سؤال يهم شريحة كبيرة من المتعاملين مع منتجات المصرفية الإسلامية، ومن الملاحظ أن المؤسسات المالية تختلف في مدى اهتمامها والتزامها بالضوابط الشرعية للمنتجات المصرفية الإسلامية فبعضها يولي هذا الجانب عناية كبيرة ويعين موظفين داخل المؤسسة للرقابة والمتابعة، كما يولي التقارير المرفوعة عن التجاوزات والمخالفات الشرعية لدى المؤسسة اهتماماً كبيراً، بل وبعضها يعين رقابة من الخارج لضمان الحيادية في الرقابة الشرعية، وبعضها على العكس من ذلك لا يولي هذا الجانب أي عناية أو اهتمام، وفي الجهة المقابلة يشكك المتعاملون من بعض المؤسسات المالية، وعن مدى جديتها والتزامها الشرعي، ويتساءلون عن مدى التزام المؤسسات المالية الإسلامية بالانضباط الشرعي؟ فهنا يمكن أن نقلب الطاولة ونسأل عن مدى فعالية هؤلاء العملاء، ودورهم في الضبط الشرعي للمؤسسات المالية؟ فالعميل له الدور الفاعل والقوي في المؤسسات المالية، فالجميع يتنافس على إرضائه وخدمته من أجل أن يستمر في التعامل معهم فهذا جانب قوي للعميل يجب أن يستغله للتأثير بل وللضغط نحو التزام المؤسسات المالية الإسلامية بقرارات هيئتها الشرعية وتطبيقها التطبيق الصحيح.
إن بإمكان العميل أن يتعرف على الآلية المقرة للمنتج من الهيئة الشرعية في المؤسسة المالية، وبدوره يستطيع إذا رأى خطأ في التطبيق أن يبين للقائمين في المؤسسة الخطأ الذي عاينه والصحيح الذي يجب تطبيقه، وإذا شك أو حار في شيء ما في المنتج الذي تقدمه المؤسسة تقدم لسؤال المختصين داخل المؤسسة فإن وجد إجابة شافية أو سأل من يثق بعلمه ودينه حتى يرتاح ويطمئن، وحتى يحقق هذا الهدف عليه بداية أن يسأل عن فتوى المنتج الذي تقدم لأخذه من المؤسسة المالية ويتأكد هل هو مجاز من الهيئة الشرعية للمؤسسة أم غير مجاز؟ ثم يسأل ما الخطوات العملية والمراحل المقرّة من الهيئة الشرعية التي يتم عليها المنتج حتى يتأكد أن الخطوات صحيحة، فمثلاً لا يصح أن تبيع المؤسسة المالية للعميل ما لا تملك أو أن تؤجر ما لا تملك، فيجب أن يتحقق العميل من تملكها ثم بيعها عليه، كما يجب على العملاء قراءة العقود والمستندات للتأكد من أن أركان وشروط العقد واضحة وصحيحة فلا يكون هناك جهالة أو نقص في أركان العقد فالمبيع معلوم ومعين وثمنه محدد، كما يجب أن تكون الشروط صحيحة فلا يكون فيها نص على الربا أو ما يخالف الشريعة، كما يجب أن يتأكد من أن كل خطوة من خطوات تقديم المنتج تتم بالشكل الصحيح، وألا يكون هناك تقديم أو تأخير مخل بالجوانب الشرعية إلى غير ذلك.
إن في تطبيق مثل هذه الخطوات وغيرها تصحيحا لمسيرة العمل المصرفي الإسلامي، بحيث يمكن أن تساهم في معالجة الأخطاء قبل استفحالها، وأيضاً تطبيق المنتجات بالشكل الصحيح الذي يجب أن تطبق عليه، كما أنه في الوقت نفسها فيه فائدة للمؤسسة المالية بمعالجة أخطائها بحيث تكاد تنعدم مثل هذه الأخطاء.