القطاع الصحي واهتمام ولاة الأمر منقطع النظير
شهد ويشهد القطاع الصحي حراكاً شاملاً بجميع أجهزته المقدمة للخدمات مدنية وعسكرية. ولاة الأمر - يحفظهم الله - وضعوا التعليم والصحة والأمن في سياق واحد فعززوا وما زالوا باستراتيجيات إيجابية هذه الكيانات، فصنعوا منها رواسخ تميزت بها السعودية خلال العقد الأخير فتقدمت في الوقت الذي بات الآخرون يتابعون بشغف خطى المملكة نحو تنمية تعود بنفعها ليس على المستوى المحلي بل العالمي أيضا.
#2#
إن الحديث عن القطاع الصحي في السعودية لا يمكن تقسيمه تاريخيا أو تبعا لزخامة عمل أو تبني برامج في حقبة معينة. فما اعتمد سابقا يستفاد منه لاحقا ويتم تطويره خلال التنفيذ، ويكون الدعم مستغلا في التوسع والتطوير والتخطيط لمستقبل أفضل في صناعة هذا المجال بصفة عامة. الدراسات والأبحاث التي صبغت تطور خدمات القطاع في السنوات الأخيرة بكثير من المنهجية والعلمية صاحبها توجيه ودعم ولاة الأمر - يحفظهم الله - بالمبادرة وتعزيز البرامج المختلفة جاعلين المسؤولين في عمل دؤوب واصلوا به الليل مع النهار على مدار العام وخلال مواسم الحج بالتحديد. لقد وضح جليا أن السباق يزداد احتداما بتنوع التحديات التي يوجهها القطاع ولا سبيل إلا بالكد والجد في العمل على إذابتها للانطلاق في عالم أصبحت سمته السرعة في الأداء. إن لبلوغ مستوى الرضا صحيا واجتماعيا واقتصاديا متطلبات لا بد من اجتيازها تتمثل في التالي:
1 - توزيع الخدمات الصحية على مناطق المملكة الشاسعة بعدالة حتى لا تتأثر أي فئة بنقص أو قصور أو ضعف مستوى خدمة.
2 - عزوف البنوك عن الدخول بقوة في نمو هذا القطاع عن طريق زيادة مزودي الخدمة في القطاع الخاص.
3 - زيادة تطلعات وتوقعات أفراد المجتمع كحق من حقوقهم في الحصول على أفضل الخدمات في مستويات الخدمة الطبية كافة.
4 - الزيادة السنوية المطردة لأسعار الخدمات على مستوى العالم بشريا وتقنيا التي تعني ارتفاع تكلفة الأطباء والإخصائيين المهرة بشكل غير محدد بنسبة.
5 - معدل النمو السكاني الذي يقدر بأنه من أعلى النسب العالمية.
6 - تواضع أعداد مقدمي الخدمة في بعض التخصصات الطبية الذي يتطلب وقتا وتكاليف عالية لإعدادهم.
7 - ضرورة تحديث مهام الممارسين الصحيين تبعا لتطور تقديم الخدمات وتنوع مستويات الوظائف.
8 - رفع مستوى التنسيق والتنفيذ بين عديد من المؤسسات المدنية لتحقيق أهداف برامج الصحة العامة سوية.
#3#
9 - قلة أعداد شركات تشغيل المرافق الصحية المحلية وضعف أداء الموجودة
إن الخطة الاستراتيجية التي أعلنتها وزارة الصحة المتضمنة برامج طموحة ومشاريع تتطلب مدى طويلا للتنفيذ متطلعة إلى خدمة صحية عالية المستوى إذا ما تم تبنيها بنفس التوجه من قبل جميع المنسوبين والمسؤولين، فإن النظام الصحي في السعودية خلال أقل من عشر سنوات سيضاهي أفضل الأنظمة العالمية، لأنه تخطى المعوقات بالتركيز على تقديم الرعاية الصحية الأولية بشكل متميز ونقل المجتمع من تبني ثقافة البحث عن العلاج المتخصص إلى الاهتمام بالعناية الشخصية والوقاية مع استنفاد الحلول الأولية كالكشف المبكر الذي قد يجنب المريض كثيرا من المتاعب مستقبلا. فها هي الوزارة تحاول نشر مفهوم الطبابة المنزلية، وبدء مشروع الكشف المبكر عن سرطان الثدي، والاهتمام بعلاقات المرضى وجراحات اليوم الواحد ومتابعة الأطقم الطبية، وتطوير التسجيل الطبي للحالات المرضية في سبيل تقديم الخدمة للمريض، أينما حل وتعالج في مرافق القطاع الصحي المختلفة. هذا طبعا يعني الانتقال إلى تأسيس المدن الطبية التي وضعت خطة لها بأن تكون هناك خمس مدن طبية مرجعية متكاملة على مستوى المملكة تسهيلا للمريض مراجعته وخفضا لقائمة الانتظار. أما بالنسبة للمشاريع السنوية المسلمة والجاري تنفيذها والمزمع الرفع بها للموافقة عليها وتخصيص المبالغ لها فهي قائمة طويلة يمكن القول بأن المبالغ المخصصة لها لا يمكن أن توضع في مقارنة مع أي دولة عربية أو إسلامية ولا الحجم المتوقع تشغيله خلال الأعوام المقبلة يمكن أن يضاهى مع أي دولة نامية.
ولولا أن هذا القطاع يحظى باهتمام كبير لما قام خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - وقبل حلول منتصف العام ليوجه بتخصيص 16 مليار ريال لوزارة الصحة لتنفيذ مشاريعها والتوسع فيها. هذا إضافة إلى ترسيه 1010 مراكز صحية نموذجية في مختلف مناطق المملكة ومحافظاتها مشروعا عملاقا لا يمكن تلمس نتائجه إلا بعد الانتهاء منه - بإذن الله -أما مدينة الملك عبد الله الطبية التي تم افتتاحها في عام 1430هـ فهي مدينة تخصصية مرجعية وثالث المدن الطبية المرجعية في المملكة، حيث عدت كمكملة لعقد المدن الطبية وهي: مدينة الملك فهد الطبية في الرياض، ومدينة الملك خالد الطبية في المنطقة الشرقية، ومدينة الملك فيصل الطبية لخدمة مناطق المملكة الجنوبية، ومدينة الأمير محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود الطبية لخدمة مناطق المملكة الشمالية؛ حيث تتسع كل منها لنحو 1500 سرير منها 500 سرير للمستشفى التخصصي المرجعي. وبزيادة أسرة مستشفيات الوزارة 3500 سرير معتمدة لعام 2011م. فإن تطلع الوزارة سيتحقق تدريجيا وسيكون المواطن فخورا بإنجازات تحقق شغفه بأن يلقى عناية في كل مرفق صحي - بإذن الله - إن في برنامج فصل التوائم الذي وجه به ورعاه ودعمه خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - ترسيخا لما هو عليه الإسلام وروح الأخوة بين المسلمين. فكما هو فصل لجسدين لبداية حياة جديدة فهي التئام ووئام بين الشعوب تجسد مدى سماحة الإسلام متمثلة في قائد نقل سيرة وطن إلى مسيرة أمة وقرب بين الشرق والغرب بالفعل لا بالقول، وسخر العلم والعلماء، وما امتهنوه لخير الأمة من دون نظر لأصل ولا دين، بل هي إنسانية على الفطرة، جعلت من قائدنا قدوة سيسطرها الزمن لعصور قادمة، كما سطر التاريخ إنجازات وأمجاد لسابقين ما زلنا نقرأ عنهم بعد قرون من الزمن.
ولقد تحقق وصول قطاع التأمين لنحو سبعة ملايين شخص تقريباً على مستوى المملكة حملوا وثائق تأمين بنهاية عام 2009م ويتم حاليا معالجة بعض لوائح نظام التأمين ليخرج ـ بإذن الله ـ في صورة كاملة مع عودة إيجابيته يعني إن كثيرا من المعوقات ستذوب تباعا وتدريجيا، وهذا ما يؤمل تحقيقه، لأن توفير السلع بهذا الحجم يعني قدرة الحكومة على إدارة القطاع بحكمة وخفض تكاليف العلاج وتقليص قائمة الانتظار ورفه مستوى الممارس بتكريس الوقت للمريض..إلخ من فوائد جمة سيتلمسها المجتمع حقيقة وليس في الخيال. أسأل الله لولاة الأمر السلامة والعافية والسؤدد في كل مساعيهم، وأرجو منه - سبحانه - أن يحيط مسؤولينا بالبطانة الصالحة وأن يعين كل من حمل أمانة تطبيب وإصحاح في مهامه، وأن يلهمنا الصبر لنرى إشراقة يوم وطني جديد لعمر مديد وهو السميع المجيب.