الكلمة التاريخ.. دلالات وأبعاد

أطل علينا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - 27 شوال 1432هـ في كلمته في افتتاح الدورة الخامسة لأعمال السنة الثالثة لمجلس الشورى والفرحة تغمر كل وطننا الكبير بذكرى ميلاده،.. أطل علينا بكلمته التاريخية كعادته - سدده الله - ليضفي أفراحاً جديدة على أفراحنا واحتفالاتنا التي يتردد صداها على طول الوطن وعرضه، فخراً وعزاً وشموخاً، بما تحقق من البناء والإنجاز، والازدهار والتقدم،.. أطل علينا ونحن نردد رائعة الفيصل الوطنية..
غنيت حبك يا وطن ولثمت بحروفي سماك
وعشتك أكثر من زمن وسقيت من عروقي ثراك
أطل وكلنا شوق وتوق لمعرفة مسارات رؤاه، واتجاهات طموحه، فالوطن بما يفخر به من النماء والمنجزات والمواطن لما يراه من التحولات والنقلات النوعية في الرقي المتجدد والازدهار المتواصل غدا لا يترقب إلا همة قائده، ولا يتابع إلا طموح مليكه الذي لا يعرف الكلل ولا الملل وهو يحلق في سماء التطور والرقي لأجل وطنه الذي يحب ويعشق، وشعبه الذي يبادله الوفاء بالوفاء، فبرغم أن كلمته كانت ثرية وسديدة عكست صورة المشاريع الكبرى، والإنجازات العظمى التي تحققت في عهده على أرض هذا الوطن المعطاء إلا أنها أيضا رسمت الطريق القويم نحو المستقبل، وشكلت في مجملها منهج العمل القادم على كافة الأصعدة والاتجاهات، فكانت كلمة تاريخية فتحت مسارات جديدة في البناء والتنمية ورفاه المواطنين لتكمل مشوار الإنجازات المتلاحقة، وسلسلة المشاريع الكبيرة، حيث تطرق في مضامينها إلى أهمية بناء الإنسان ورفاهيته، فقال - رعاه الله: ''هي الأمانة والمسؤولية تجاه ديننا، ومصلحة وطننا، وإنسانه، وألا نتوقف عند عقبات العصر، بل نشد من عزائمنا، صبراً، وعملاً، وقبل ذلك توكلاً على الله - جل جلاله - لمواجهتها ''كما أنه وقف على قضايا الأمة المصيرية فأكد عظم المسؤولية التي تقع على هذه البلاد التي منها انطلقت رسالة الإسلام إلى كافة أرجاء المعمورة، فكانت كلمته نقطة انطلاق باتجاه مرحلة جديدة من العمل والبناء وامتلاك كل مقومات التنمية الشاملة للصعود إلى مصاف الدول المتقدمة، وفق الضوابط الشرعية والقيم الأصيلة، برؤية ثاقبة، وحكمة سديدة، مؤكداً أن: ''التحديث المتوازن، والمتفق مع قيمنا الإسلامية، التي تصان فيها الحقوق، مطلب مهم، في عصر لا مكان فيه للمتخاذلين، والمترددين''.
فرسمت كلمته بتنوعها وشموليته الأهداف والبرامج والغايات، وعكست بصورة واضحة الرؤية السياسية والقيادية الفذة التي جعلت من خادم الحرمين الشريفين رمزاً دولياً وعالمياً يشار إليه بالبنان، كما ضمنها منجزات التعليم العملاقة، والنقلات النوعية التي شهدها كيفاً وكماً، كبرنامج المبتعثين إلى الخارج حيث يتلقى أكثر من 130 ألف مبتعث ومبتعثة من أبناء المملكة دراستهم في أرقى الجامعات الأجنبية، ومنجزات الوطن الكبيرة في شتى المجالات السياسية والأمنية والصحية والاجتماعية، مضمناً فيها قراره التاريخي، القاضي بمشاركة المرأة في مجلس الشورى عضواً اعتباراً من الدورة القادمة وفق الضوابط الشرعية، وأحقيتها بأن ترشح نفسها لعضوية المجالس البلدية، ومشاركتها في ترشيح المرشحين بضوابط الشرع الحنيف أيضا، مؤكداً في الكلمة التاريخ أن: ''للمرأة المسلمة في تاريخنا الإسلامي، مواقف لا يمكن تهميشها، منها صواب الرأي، والمشورة، منذ عهد النبوة''. مدللاً على ذلك بـ: ''مشورة أم المؤمنين أم سلمة يوم الحديبية''. ومؤكداً أن: ''الشواهد كثيرة مروراً بعهد الصحابة، والتابعين، إلى يومنا هذا''. كما أضاف – يحفظه الله - أن قراره هذا جاء بعد التشاور مع الكثير من العلماء في هيئة كبار العلماء، وخارجها، وقد استحسنوا هذا التوجه''. وأكد لأبناء وطنه في ختام كلمته أن: ''من حقكم علينا أن نسعى لتحقيق كل أمر فيه عزتكم وكرامتكم ومصلحتكم.. ومن حقنا عليكم الرأي والمشورة، وفق ضوابط الشرع، وثوابت الدين. محملاً كل من يخرج عن ضوابط الشرع مسؤولية تصرفاته، فكانت كلمته بما حملته من مضامين ورؤى شاملة لكل مستجدات الداخل والخارج، وباعثة على الفخر والاعتزاز بقيادة وطن يثبت أقدامه على ثرى الريادة والتأثير. حفظ الله لنا قادتنا، وأدام وطننا عزيزاً شامخاً ودمتم سالمين....
يا وطنا دام عزك شامخ والدين سيرة
ما رضينا غير أرضك نسكن ونعشق ثراها

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي