الفارق الإيجابي
يا صديقي: لا يمكن أبدا أن ينتهي خط التعليم بنهاية الدراسة الأكاديمية. حياتك على امتدادها فرصة للتعلم. محيطك يعطيك دروسا شتى. وأنت أيضا لك دور في التعليم. خلال ذلك، هناك معلم جيد ومعلم سيئ. هناك من يعطي دروسا في الكراهية والعنصرية والظلم. وهناك من تتعلم منه العدل والعمل والأمل أيضا. السن لا يمكن أن تكون عائقا، في سبيل مزيد من التعلم.
دوما تشدني تجارب كبار السن، الذين تجاوزوا الستين من العمر في التعامل مع معطيات العصر الجديد، سواء كانت هذه المعطيات مهنية أو رياضية. شاهدت في النادي الصحي الذي أتمرن فيه أناسا في الستين من العمر يتعلمون السباحة.
في المقابل، وجدت آخرين سجناء للخوف والخجل. من لا يعرف شيئا يمكنه أن يعرفه، بمجرد مبادرته للسؤال عنه. هناك أناس سيتسابقون لتعليمه. المشكل الذي يواجهنا في حياتنا اليومية ليس في الجاهل الذي يتعلم. ولكن الإشكال في الجاهل الذي لا يريد أن يعترف بجهله فينتقل من إخفاق لآخر.
هذا يفسر الفارق بين إدارة حكومية وأخرى. هناك من يصل إلى إدارة هذه المنشأة أو تلك بالترقي، لكنه في المقابل لا يملك الأدوات والمهارات التي تساعده على مهام عمله الجديدة، فتصاب إدارته معه بالمرض والاعتلال. الكل منا يتذكر وزارات وإدارات تناوب عليها أكثر من شخص. غالبا تبقى الصورة الزاهية لمن مارس عمله باقتدار، وحاول أن يقفز على البيروقراطية، وصارع من أجل أن تتحول المرحلة التي يعايشها لمرحلة عطاء إيجابي مستمر. هذه تتطلب معرفة ووعيا، وتتطلب مقدرة وجرأة على منح الصلاحيات، والثقة الكاملة بالسواعد التي يتم الاعتماد عليها. كلما وجدت في منشأة حكومية تنظيما وترتيبا ومرونة في التعامل مع المواطنين، أفتش عمن يقف على قمة إدارتها، فأكتشف أنه رجل حيوي أضفى هذه الحيوية والفاعلية على إدارته، وتجاوز كل العوائق من أجل أن يضع بصمته ويصنع الفرق.
بإمكاننا أن نصنع الفرق، إذا أدركنا أن كل يوم هو فرصة لمزيد من التعلم والمعرفة. الفارق بين من يعرف ومن يجهل يشبه الفارق بين الشخص الواثق من نفسه والشخص المغرور.