الإنترنت .. ماذا عن المحتوى السعودي؟

تحت عنوان ''المحتوى العربي في الإنترنت: التحديات والطموح'' نظمت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأسبوع الماضي مؤتمرا قُدمت فيه عديدٌ من أوراق العمل التي تناولت استخدامات الإنترنت عربيا، وما يواجه هذا الاستخدام من تحديات كبيرة، لعل من أبرزها ضعف المحتوى العربي المتاح على الإنترنت، بدليل أن هذا المحتوى لا يتجاوز 1 في المائة فقط من الحجم الكلي.
وخلال المؤتمر تمت الدعوة لإنشاء موسوعة رقمية لتوثيق ونشر الإنتاج العلمي العربي ودعم أسماء النطاقات العربية، كما قدمت اقتراحات عدة لإثراء المحتوى العربي الرقمي، والرفع من مستوى جودته وتعزيز مواقع البحث باللغة العربية، وحل إشكالات الترجمة من العربية وإليها، كما دعا المؤتمر إلى الاستثمار في قطاع المعلومات، وفي مجال النشر الإلكتروني.
بداية، يجب أن نسلم أن ثورة الإنترنت عززت من مكانة اللغة الإنجليزية على مستوى العالم، وجعلت كثيرا ممن لا يرون حاجة إلى التعامل بهذه اللغة في حياتهم اليومية، يضطرون للتعامل بها حينما يستخدمون الإنترنت، ولهذا فليس غريبا أن 87 في المائة من محتوى شبكة الإنترنت باللغة الإنجليزية، إلا أن هذا لا يعني أن نسبة 1 في المائة للمحتوى العربي أمرٌ طبيعي للغة تحتل المرتبة الخامسة عالميا.
وإذا كانت هذه النسبة من ناحية حجم المحتوى قليلة جدا، إلا أن ما يبعث على الأسى هو نوع ما يقدم من معلومات ضمن هذه النسبة، فما تحويه المواقع العربية لا يخرج عن مجالات التسلية التي تصل أحياناً إلى حد الإسفاف، والصراع بين مختلف الطوائف والتوجهات، أما المواقع الرسمية سواء أكانت لجهات حكومية أو مؤسسات أو شركات فهي لا تتجاوز في الغالب التعريف بهذه القطاعات وبتحركات مسؤوليها.
كما أن المحتوى العربي يعاني عدم المصداقية لدى المتلقي، فما يُطرح من معلومات هي في الغالب محل شك، بسبب أن كثيرا من الصراعات السياسية والفكرية انتقلت إلى شبكة الإنترنت، وأصبح المجال واسعا لطرح قضايا لا حقيقة لها، بل وتزوير كتب ووثائق ودراسات لا أساس لها في الواقع.
في هذا المؤتمر الذي ناقش قضايا مهمة، كنت أتمنى أن يُضاف إليها نقاشٌ حول المحتوى السعودي على شبكة الإنترنت، سواء ما يطرح في مواقع سعودية، أو ما ينشر من قبل جهات أخرى، أو ما تتضمنه الموسوعات الإلكترونية من معلومات عن المملكة العربية السعودية، فهذا المحتوى يحتاج إلى تمحيص ومراجعة وتوضيح، لا أن يترك لاجتهادات فردية، أو مبادرات جهات لا تتوافر لديها المعلومة الحقيقية، أو لجهات ذات توجهات معادية للمملكة.
شبكة الإنترنت التي لا توجد فيها مكتبة رقمية سعودية واحدة تضم الكتب التي تتناول تاريخ المملكة، وتكون متاحة للقراء بالمجان، توجد فيها عشرات الكتب المعادية للمملكة، تتاح للقراء بالمجان، ويُعرّف بها عبر روابط عديدة توصل إليها، فتنتشر تلك الكتب، وينقل الناس عنها معلومات مغلوطة، بل ويستشهد بها بعضُ المحللين والدارسين، في ظل غياب شبه تام من الجهات المعنية، والسببُ في ذلك أنه ليس هناك جهة واحدة تتولى متابعة ما ينشر عن المملكة عبر الإنترنت، فتوضح ما هو مغلوط وتنشر المعلومة الصحيحة، وتفند ما يُطرح من كتب ودراسات وإحصاءات لا أساس لها من الصحة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي