أعطى الناس فأعطوه وأحبهم فأحبوه وأكرمهم فأكرموه

تجسدت في شخصية الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام - يرحمه الله - جوانب إنسانية وإدارية وعلمية، تبلورت من خلال مساهمته في بناء الدولة منذ عهد الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه - مؤسس البلاد حتى رحيله - يرحمه الله. وكان الأمير سلطان قد حظي بثقة كبيرة من والده الملك عبد العزيز - رحمه الله - فكلفه بالعديد من المهام الكبرى، وتولى العديد من الوزارات المهمة، مساهما بفكره وجهده - يرحمه الله - في نهضة هذه البلاد الكريمة مع إخوانه ملوك المملكة العربية السعودية - يرحمهم الله - حتى عهدنا الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - يحفظه الله - حيث كان له نعم السند والعضيد، وازدادت مسؤولياته، وتشعبت مهامه، التي كانت تقع على عاتق رجل خاض غمار السياسة، وخبر دهاليزها، فكان لوجوده قوة ودعما لجهود خادم الحرمين الشريفين - رعاه الله.
إن عظم تلك المسؤوليات يدل على عظم من أُسندت إليه، حيث كان الأمير سلطان - يرحمه الله - قائدا فذا، وسياسيا محنكا، وإداريا بارعا، حظي باحترام الجميع، وتغلغلت محبته في نفوس كل المواطنين، بل تعدتهم إلى كل من عرف ولي العهد.
كما كانت أنشطته الإنسانية نبراسا لكل الأعمال الخيرية، حيث شملت رعايته معظم الجمعيات والجهات الخيرية التي ساهمت في تحسين أحوال المحتاجين والأسر، وتطوير قدراتهم الإنتاجية ليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع.
وقد كان للأمير سلطان دور رائد في دعم مسيرة التعليم العالي في بلادنا الغالية من خلال إنشاء جامعة الأمير سلطان الأهلية التي كان لها أثر بارز في تاريخ التعليم العالي في المملكة، لكونها أول جامعة أهلية غير ربحية في المملكة تدعم وتساند الجامعات الحكومية، ولبنة أساسية في بناء المستقبل، تتبنى احتياجات المجتمع المحلي والإقليمي من القوى العاملة عالية التأهيل، مع تحقيق التميز والتفرد في التعليم العالي... وقد شرفت برئاسة هذه الجامعة الفتية لسنوات عديدة، ولمست من كثب ما تتصف به شخصيته - يرحمه الله - من التواضع الجم، وحب العلم والعلماء ودعمهم ومساندتهم، إلى جانب ما يتمتع به من رؤى إدارية واستراتيجية، وما قدمه من مبادرات متعددة.
يضاف إلى ذلك دعمه - يرحمه الله - للعديد من الكراسي العلمية والبحوث في الجامعات العالمية في أوروبا وأمريكا وروسيا ودول صديقة أخرى، إلى جانب دعمه رحمه الله للجامعات السعودية الحكومية والأهلية، ومن تلك الكراسي على سبيل التمثيل لا الحصر: (كرسي الأمير سلطان للتوعية الصحية وتدريب المعلمين في اليونسكو، وكرسي الأمير سلطان في هندسة البيئة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وكرسي الأمير سلطان للدراسات الإسلامية في جامعة الملك سعود، وغيرها من الكراسي العلمية النافعة التي حظيت بدعمه السخي لها، إلى جانب دعمه لعدد من البرامج العلمية التي شرفت بحمل اسمه ومنها: برنامج الأمير سلطان للدراسات العربية والإسلامية في جامعة بركلي في كاليفورنيا، في الولايات المتحدة الأمريكية، ويهدف إلى تعليم اللغة العربية والشريعة الإسلامية، وبرنامج الأمير سلطان للتعاون الأكاديمي والثقافي مع جامعة أكسفورد لتقديم المنح الدراسية للطلبة السعوديين، وبرنامج الأمير سلطان لدعم اللغة العربية في اليونسكو وغيرها، إلى جانب دعمه - يرحمه الله - للجوائز العلمية، والمشاريع البحثية النافعة، ونذكر منها الموسوعة العربية العالمية التي طبعت في ثلاثين مجلدا بنفقة سخية منه - رحمه الله. سيظل الأمير سلطان بن عبد العزيز - يرحمه الله – رمزا ساطعا في ميادين السياسة وساحات البذل والكرم، وفي الحرب والسلم، وهو سلطان الخير الوفي المتواضع، القريب من الهم اليومي، والذي إن عظمت مسؤولياته ومهامه للارتقاء بالوطن إلا أنه ظل قادرا على رؤية أصغر المستلزمات وسدها.
ولو تطرقنا للعمل الخيري فقد كان - يرحمه الله - رمزا له داخل المملكة وخارجها فالنشاط الخيري للأمير سلطان بن عبد العزيز بدا واضحا داخل أرجاء المملكة وخارجها، فقد كانت استجابة الأمير لاحتياجات المحرومين والفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة سريعة، وتدخلاته لمصلحتهم فعالة.
فقد كان سباقا في وضع أسس العمل المؤسسي الخيري والإنساني، تضمن له الاستمرارية وتؤهله للتدخل السريع لمساعدة المحتاجين. فأنشأ مدينة سلطان للخدمات الإنسانية، التي اتسع نشاطها لتهتم بالفئات الأقل حظاً، وبذوي الاحتياجات الخاصة.
ومدينة الأمير سلطان الشريك الأساسي الفاعل والداعم بلا حدود للجمعيات الخيرية ومؤسسات المعوقين ودور الأيتام، ولها تبرعات والتزامات مادية متعددة وثابتة.
كما تم إنشاء لجنة الأمير سلطان للإغاثة، والتي عهد لها بتلبية احتياجات الملايين من الفقراء في أنحاء العالم..وداخليا، ولم يدخر - يرحمه الله - جهداً لمساعدة المحتاجين، فأنشأ عدداً من مؤسسات العمل الاجتماعي والخيري، التي عهد إليها بتشجيع الطاقات السعودية، في المجالات العلمية والطبية، ومراكز العلوم والتقنيات الحديثة، التي تضمها مدينة سلطان للعلوم الإنسانية... ولمؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية العديد من البرامج، والأعمال الخيرية والبحوث العلمية التي نفذتها أو دعمتها؛ منها ما هو للجامعات والكليات الأهلية والجمعيات الخيرية أو للمستشفيات الخاصة والعامة، أو لتوفير بعض متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة من الأجهزة والمعدات الطبية المساعدة، إضافة إلى تعبيد الطرق، وحفر الآبار داخل المملكة وخارجها، وتشجيع الباحثين والمفكرين بطباعة مؤلفاتهم على نفقة المؤسسة، ودعم المؤتمرات والندوات المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين، والعديد من المشاريع الإنسانية الأخرى، كما أنشأ - يرحمه الله - مؤسسة سلطان بن عبد العزيز الخيرية للإسكان الخيري، التي عملت على تأمين السكن المناسب للمحتاجين في مناطق سعودية مختلفة، هذا إضافة لاهتمامه بالمرأة المنتجة، من خلال إنشاء صندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز لدعم المشاريع الصغيرة للسيدات، لتوفير الحياة الكريمة لنساء الوطن. وأتذكر مقولة للأمير سلمان بن عبد العزيز أطلقها على الأمير سلطان - يرحمه الله - بأنه جمعية خيرية متنقلة، وبأنه أعطى الناس فأعطوه، وأحبهم فأحبوه، وأكرمهم فأكرموه، وهو وصف رائع يتوافق مع عطاءات ولي العهد، وهي مقولة يشهد بها الجميع، وتزكيها أيادي سموه البيضاء على الجميع وعلى العديد من المشاريع التنموية والخيرية والتعليمية داخل المملكة وخارجها.
رحم الله الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمة واسعة، وألهمنا جميعا الصبر والسلوان، فقد كان الأمير سلطان والدا حانيا على الجميع، يعايشهم، ويتفقدهم، ويتلمس حوائجهم، وتشعر معه بأنك قريب منه لتواضعه وبساطته وحبه للجميع، وستظل ذكراه عالقة في قلوب الجميع، وستظل ألسنتنا تلهج بالدعاء أن يكرم الله مثواه، وأن يرفع درجاته في عليين، في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي