أسبوعان من الأحداث.. هل شعرنا بالقلق؟
خلال الأسبوعين الماضيين عاشت بلادنا أحداثاً من النادر أن تمر بها دولة من الدول دون استنفار قواتها الأمنية، أو وضع قواتها العسكرية على أهبة الاستعداد توقعاً لأي طارئ، إلا أن بلادنا تعايشت مع الوضع بشكل طبيعي، يستغربه كل من لا يعرف طبيعة المملكة، وطبيعة العلاقة داخل المجتمع السعودي، بل وما تعيشه المملكة من استقرار سياسي واجتماعي.
بدأت هذه الأحداث بما أعلنت عنه الولايات المتحدة الأمريكية من كشف مؤامرة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، ورغم أن الإعلان جاء من الولايات المتحدة إلا أن إيران، مسؤولين وإعلاما، شنوا حملة على المملكة، وصلت إلى حد التهديد بالاحتلال، ورغم ذلك لم نر أية إجراءات أمنية، أو قلق من قبل المسؤولين ينعكس على الوضع الداخلي في المملكة، بل تعاملت المملكة مع هذه التصريحات والتهديدات وكأنها لم تكن، ثقة بالله أولا، ثم بما تملكه المملكة من قوة ردع، وما تتحصن به من شعب صادق في ولائه وواثق في ولاة أمره.
ثم كانت وفاة الرجل الثاني في الدولة، الأمير سلطان بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ وهي فاجعة أثرت في الجميع، وجعلت الحزن يعم كافة المواطنين، وتوافدت على الرياض العاصمة جموع المعزين من الداخل ومن الخارج، ولم ير الناس أية إجراءات غير طبيعية تواكب هذا الحدث المؤثر.
ثم جاءت مبايعة الأمير نايف بن عبد العزيز ولياً للعهد، نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للداخلية، لتشهد البيعة اهتماماً شعبيا كبيراً، وفرحة غامرة، وجرت البيعة بكل يسر وسهولة.
كل ذلك جرى وبلادنا تستعد لمناسك الحج وتقوم مختلف الأجهزة والقطاعات بواجباتها تجاه ضيوف الرحمن، دون أن يشعر أحدٌ أن هناك خللا أو فراغاً نتج عن الاهتمام بالحدثين المهمين، بل ولم تنس بلادنا رغم انشغال مسؤوليها دورها الإسلامي، فسارعت إلى تقديم 50 مليون دولار مساعدة لتركيا بعد الزلزال الذي وقع فيها، وكرمت مواطنا باكستانيا، ساهم في عمليات الإنقاذ أثناء سيول جدة.
هذه الثقة بالنفس، حكومة وشعباً، واليقين بأن الله تعالى قد تكفل بحفظ هذه البلاد، التي تشرفت بخدمة الحرمين الشريفين، حتى رأينا مصارع كل من أراد بأهلها سوءا، أمرٌ لم يأت من فراغ، فالمملكة التي تعتز بتمسكها بالشرع الحنيف في كل أمورها ومنها علاقاتها مع الآخرين، تدرك أن ما يربط القيادة بالشعب من علاقات قوية، هي الدرع المكين تجاه أي حدث طارئ، هذه العلاقة يؤكد عليها المسؤولون في كل مناسبة، وآخر ذلك ما حملته تصريحات الأمير نايف بن عبد العزيز حينما قال عن الملك عبد الله بن عبد العزيز: ''لقد عايشناه عن قرب في ظروف صعبة ووجدناه ـ حفظه الله ـ لا يهمه ولا يقلقه إلا سلامة المواطنين وسلامة المملكة العربية السعودية، فلنأخذ الواقع الذي نعيشه في هذه الظروف المحيطة بنا من كل جهة والاضطرابات، فبقيادته ــ حفظه الله ــ وبالاعتماد على الله قبل كل شيء، ثم بثقته بشعبه الوفي استطاع أن يجعل المملكة آمنة مستقرة في كل أمورها، وهذا فضل من الله، ولكنه يحسب للملك عبد الله بقيادته الرشيدة، ولولا ذلك لكان أصابنا ما أصاب غيرنا، ولكن الحمد لله لدينا ملكٌ صالحٌ وفاهم وقادر، ولدينا شعبٌ وفيٌّ كريم قاده كذلك إلى الإخلاص والالتفاف حول قيادته''.