النصائح والأفعال النبوية في حجة الوداع
يذكر القراء الأعزاء أننا كنا نتحدث في الحلقات السابقة عن حق تربية الناشئة وأن من واجب الوالدين ثم المدرسة والأصدقاء والمسجد والإعلام وكل من له علاقة بالنواحي التربوية أن يشارك في الشأن التربوي بالقدر الذي يستطيعه حتى تكون البيئة التربوية التي نعيشها صالحة لتعزيز النشء لأن التعليم من دون تربية كالجسم من دون روح تسمو به، ولكن بسبب موسم الحج في الشهر الماضي وجدت أنه من المناسب أن أحيي وأرحب بضيوف الرحمن الذين يستحقون الترحيب بهم والدعاء لهم بالقبول، لذلك توقفت مؤقتاً عن الحديث عن النواحي التربوية ويممت وجهي صوب التركيز على خطبة الوداع التي ألقاها القائد والمعلم محمد ــــــــ صلى الله عليه وسلم ــــــــ في حجة الوداع باعتبار أن تلك الخطبة البليغة هي في الواقع الإعلان العالمي الأول لحقوق الإنسان وواجباته، وليس الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أطلقته الأمم المتحده في كانون الأول (ديسمبر) عام 1948، والذي وضحتُ ما فيه من خلل في مادتين من مواده الـــــ (31) يتعارض مع الفطرة السليمة، وتوصلنا في المقالة السابقة إلى ما ورد في خطبة الوداع عن حقوق المرأة وأن على الرجل وخاصة الأزواج أن يتقوا الله في النساء برعايتهن وأن يتذكروا أن عقد الزواج (الميثاق الغليظ) اقترن بأمان الله وأن النكاح اقترن بكلمة الله وأن من واجب الزوجة ألا تُدخل الغرباء لبيت الزوجية وخاصة ما يكره الزوج وإن فعلت استحقت الضرب غير المبرح، ثم أشارـــــ عليه السلام ـــــ إلى أهمية تأمين كل ما تحتاج إليه الزوجة من رزق وكسوة على قدر استطاعة الزوج وحسبما جرى بـــــه العُرف، وفي آخر الخطبة أشارـــــ عليه السلام ـــــ إلى أهمية كتاب الله تعالى وضرورة الاعتصام به وفهمه وتطبيقه ثم أنهى الخطبة بسؤال الناس عن رأيهم فيما قاله عليه السلام لهم فشهدوا بأنه قد بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ثم أشهد الله تعالى ثلاث مرات على الموقف العظيم دلالة على عظم المسؤولية والأمانة مع علمه ـــــ عليه السلام ـــــ بأن الله محيط بكل شيء عز وجل وهو السميع العليم، كما تجب الإشارة إلى أهم ما قاله ـــــــ صلى الله عليه وسلم ـــــــ أو عمله في المشاعر إضافة إلى خطبة الوداع، فدعونا بإيجاز نسمع:
النصائح النبوية الأخرى
من فضل الله علينا أن جعل حجة الوداع التي قادها محمد ــــــ صلى الله عليه وسلم ـــــــ مدرسة نظرية وعملية متنقلة يتعلم ويتدرب فيها أهل البادية والحاضرة منذ أن خرج ـــــ عليه السلام ـــــ من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة قاصداً الحج، ولم يصل إلى علمي أن أحداً من الصحابة الذين كانوا معه حصر جميع تصرفاته وأقواله وأفعاله ـــــ عليه السلام ـــــ في حجة الوداع، ولكن كُتاب السيرة النبوية ركزوا على خطبة الوداع ثم خطبة يوم النحر في منى، وبعضهم أورد بعض مظاهر سلوكه ـــــ عليه السلام ـــــ في مكة المكرمة وبقية المشاعر، وإليكم ما أمكن حصره:
ــــــ حرص ـــــ عليه السلام ـــــ على تسهيل أمور الحجاج في رحلة حجة الوداع فيقول لهم (لا حرج لا حرج) إذا زادوا أو قللوا في التلبية وما شابه ذلك، ويجيب عن أسئلتهم ويشرح لهم أركان الحج وما يجب عمله عند الإحرام دون أن يجزع لكثرتهم وإلحاحهم في الأسئلة وتكرارها.
ـــــ استغرق ـــــ عليه السلام ـــــ في رحلته من المدينة إلى مكة ثمانية أيام ووصل إلى مكة في اليوم التاسع مراعياً ظروف الضعفاء وكبار السن والمترجلين.
ـــــ لم يزاحم عند الحجر الأسود بل اكتفى بالإشارة بعصاه إلى الحجر ولم يحرص كل مرة أن يستلم الحجر. وفي الحلقة القادمة (201) نكمل ما تبقى.
عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان *
فاكس: 014708199