أهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة في تنمية الاقتصاد
إن أهم ما يشغل الدول والأفراد والمنشآت هو تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال نمو اقتصادي مطرد لأن ذلك هو دليل على تحقيق الرفاهية للمجتمع وقياس مدى قدرته على توفير احتياجاته الضرورية والقدرة على الإنتاجية.
أدرك المجتمع الاقتصادي العالمي أهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة (Small & Medium Enterprises, SME’s ) في تفعيل الأنشطة التنموية وتحويلها إلى محرك للنمو الاقتصادي والناتج المحلي للدول وأهمتها في تحقق قيمة مضافة لأي اقتصاد في المجتمعات المعاصرة وهي العمود الفقري للقطاع الخاص، حيث تشكل نحو (97 %) من مجموع منشآت القطاع الاقتصادي في أي دولة من دول العالم وتزداد أهميتها في الدول النامية.
وتبرز أهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية المتوازنة من خلال قدرتها على توليد فرص عمل للقوى العاملة في هذه الدول من خلال قدرتها على امتصاص العمالة والتخفيف من حدة البطالة. ففي اليابان تستوعب هذه المنشآت (84.4 %) من مجموع العمالة الصناعية، وتستوعب (57.1 %) من مجموع قوة العمل بالقطاع الصناعي بالدول العربية وفي دول الاتحاد الأوروبي (18.89) مليون منشأة، تشكل المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة (79 %) من مجموع أعدادها، حيث تستقطب (69 %) من القوى العاملة ما يؤدي إلى الإسهام في دفع عجلة التطور الاقتصادي والاجتماعي والإبداعي وتكوين منظومة متكاملة مع المنشآت الصناعية الكبيرة في مجالات الإنتاج والتسويق.
كما أن لها دورا بارزا في الإسهام في تحقيق التكامل الاقتصادي مع الصناعات الكبرى حيث تمد الأسواق المحلية بما تحتاج إليه من السلع والخدمات وكذلك إمداد الصناعات الكبيرة بما تحتاج إليه من مكونات والأجزاء التي تحتاج إليها في إنتاجها وتقوم بدور المغذي لها. فتتعامل شركة جنرال موتورز مع أكثر من 30000 مورد من الصناعات الصغيرة. شركة رينو الفرنسية تتعامل مع أكثر من 50000 مورد. وفي اليابان توفر المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة (72 %) من احتياجات صناعات الآلات، و(79 %) من احتياجات صناعة الأجهزة الكهربائية، وتعتمد شركة متسوبيشي على 20000 من الصناعات الصغيرة المغذية لها. وهذا التعامل يعتبر بين هذه المنشآت والمنشآت الكبيرة أحد أهم المعايير التي تستخدم من قبل الاقتصاديين في قياس التقدم الاقتصادي.
تسهم المنشآت الصغيرة والمتوسطة في زيادة حجم وقيمة الصادرات الصناعية فلها نجاحات في عدة دول في العلم ففي ألمانيا تمثل صادرات المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة نحو (66 %) من مجموع الصادرات الصناعية، ووصلت في إيطاليا إلى نحو (47 %)، وفي اليابان إلى نحو (30 %)، وفي فرنسا (27 %)، أما في الولايات المتحدة الأمريكية فوصلت نسبة أصحاب المنشآت الصغيرة بين مجموع عدد المصدرين إلى نحو (96 %)، وقاموا بتصدير نحو (30 %) من مجموع الصادرات الأمريكية.
المنشآت الصغيرة والمتوسطة تعالج الاختلالات الاقتصادية وأهمها الاختلال بين الادخار والاستثمار وذلك في الدول النامية والتي تعاني انخفاض معدلات الادخار والاستثمار، وذلك نظراً لانخفاض حجم رأس المال اللازم لإقامتها مقارنة بالمنشآت الكبيرة، حيث يمكن إنشاء هذه المشروعات بالمدخرات المالية القليلة، كما تسهم في معالجة الاختلال في ميزان المدفوعات من خلال تصنيع السلع المحلية بدلا من الاستيراد، وتصدير السلع الصناعية المُنَتجة من قِبَلها مع أن هذه المنشآت تعاني ضعف قدرتها على التسويق والمنافسة الدولية. المنشآت الصغيرة والمتوسطة لها القدرة على تحقيق التوازن الجغرافي لعملية التنمية داخل الدول وذلك بسبب الانتشار الجغرافي في المناطق الصناعية والريفية، والمرونة في التوطن والتنقل بين الأقاليم المختلفة ما يسهم في تكوين مجتمعات إنتاجية في المناطق النائية، وذلك للحد من الهجرة إلى المدن الكبرى والمحافظة على البيئة بالتخفيف من مشكلات التلوث، ومثال ذلك عدد من الدول المتقدمة مثل كندا وعدد من دول المجموعة الأوروبية والدول النامية مثل مصر والهند. هذه المنشآت تساعد على زيادة الدخل القومي في مده قصيرة نسبياً، لأن إنشائها أقصر مدة إذا تمت مقارنتها بالمنشآت الكبيرة، فهي تدخل في دورة الإنتاج بشكل أسرع، وتوفر سلعاً وخدمات للاستهلاك النهائي والوسيط، ما ينعكس إيجابياً على مستوى الدخل القومي. لها القدرة على الابتكار والتجديد واستيعاب التكنولوجيا المتطورة من أجل تحقق فعالية الاستثمار فيها من خلال استجابتها للتغير مع هذه المستجدات بطريقة سهلة وأقل تكلفة ومواكب التقدم التقني لتطوير أدائها العام.