اقتراحٌ تجاريٌ لقناةِ الـ «إم بي سي»
* أهلا بكم في "مقتطفات الجمعة" رقم 433.
***
* حافز الجمعة: إن اللهَ لا يُنقص عضوا أو عضلةً في كمال الخلْقِ والتكوين، وإنما هو يعوِّضُ فوق ما نتوقع في الخلق والتكوين.
***
* إني لا أرتاحُ أبداً لوصف الناس توصيفا تصنيفيا بأيّ حال، ولا حتى بخصِّ بعضهم بكلماتٍ العطف والرحمة.. فلقد درجنا على مصطلح "الفئة الغالية علينا" نطلقها على ذوي الإعاقة ــــ وهي التسمية التي اتُفِقَ عليها الآن عالميا في الأمم المتحدة كما أفهمني الصديق الأستاذ خالد الهاجري المهتم والنشط في حقوق أصحاب الإعاقة، ومؤسس جمعية "إرادة" ــــ وحتى هم لا يشعرون بالراحة بهذه الجملة المقولبة التي تأخذُ مع الزمنِ برودةَ القالَب الجامد.. وليت أنّا طبّقنا ما ادّعينا أننا نشعر به تجاههم، إنما هي كلمة تُقال ثم يستمر الحالُ كما الحال. إنهم يطالبون بحقهم لخدمة بلدهم ومجتمعاتهم لا لخدمة أنفسهم، لأن اللهَ يضع فيهم قدراتٍ عقليةً مذهلةً وإن لم نسهّل لهم البُنى التحتية، فنحن سنخسر هذه العقول وما ستنتجه لنا. إن لم نفعلْ فنحن الخاسرون.. لا هُم!
***
* شخصيات الجمعة: في الملتقى الخاص بسايتك ــــ الخبر، الذي أشرفت على تنظيمه فتاتان هما هيفاء الطويل وكفاح بخيت من مدينة الدمام تحت مظلة جمعية العمل التطوعي في المنطقة الشرقية لفرص توظيف ذوي الإعاقة، وبتنسيق مع الأستاذ خالد الهاجري، أقيمت ندوةٌ عن الإعاقة والإعلام الجديد.. وظهر على المنصة أبطالٌ حقيقيون.. كنت يجب أن أغادر لموعد مسبق فقررت أن أبقى لدقائق ثم ألحق بموعدي، ولم أستطع، تسمّرت على المقعد تحت ضغط الاندهاش والإعجاب. دعوني أحدثكم عنهم بسرعة آملا أن استعرض أعمالهم أكثر بمناسبة قادمة. عبد الله العبد الكريم شابٌ مليح الوجه وضّاء الابتسامة فيه أناقة وقشابة، قدّر اللهُ له الإصابة بالشلل الدماغي- والشللُ الدماغي ليس إعاقة ذهنية، يعرفه الأطباءُ أنه خللٌ يصاب بقسم من الدماغ مسؤول عن نموّ الأطراف، فتضمر الأطراف وتفقد وظائفها ــــ كان فصيح العبارة، متألق حضور الذهن واصفاً نجاحه للوصول لمنصب مهم بأكبر شركة نفطية في الدنيا؛ "أرامكو". لما تقابلنا أردت أن أقبّله فحرّصني ألا أُفْسد مرزام شماغه وبسمته الوضّاحة تملأ القاعة. خالد الحدبان مصمم جرافيك موهوب، والجرافيك علمٌ يعتمد على الفنّ والبرمجيات والهندسة معا، توسع في عمله وفتح فروعا، وابحثوا في "جوجل" عن مواقع "خلاّد" وسترون عيّناتٍ من أعماله، مصابٌ بشلل الأطراف السفلية من الولادة، كما أنه مصورٌ محترف، صورني وأنا أتحدث مع محمد سعد، ولأن محمد زميله فقد أظهره وسيما بالصورة، وأنا ــــ سامحه الله ــــ أظهرني على حقيقتي بلا محاولة رتوش. محمد سعد يعرفه قوْمُ التويتر بِـ "مغرد متمرّد". محمد شابٌ كفيف بمنتهى الذكاء وخفة الدم من أهل بريدة ويعيش الآن في الدمام "وحيدا!" يدرس ويعمل، ولقد طور آلياتِ تعامله مع "الآي فون" و"الآي باد"، ويشرح ذلك على "التويتر"، تعلقتُ به، ويدور بيننا حديث معرفي، وأحيانا حديثٌ ضاحك جدا، فهو سريع التعليق ذكي النكتة، وتعجبني لكنته وهو ينطق الإنجليزية بمهارة. وضع أخيرا إنجازا منفردا حيث انتهى من إعداد قوائم طعام كتابة بالبرايل للمطاعم.. يذكرني بالمخترع الشاب الفذّ حبيبنا مهند أبو ديّه. ثم الأستاذ "فواز الدخيـِّل" الذي أطربَ وأفاد الجمهور بعلمه وجمال لغته وتقواه، وله موقع نقاش تناصحي وتوجيهي على الـ "فيسبوك" و"التويتر"، وأصيب بشلل نصفي في حادث مرور. وطبعا حبيبنا خالد الهاجري الذي سأتعب وأتعبكم لو قلت عنه المزيد.
***
* نور الهدى: هذه الفتاة من كنوز حياتي التي يمن اللهُ بها علي. من أروع شخصيات الدنيا.. بلا أدنى مبالغة. نور الهدى ذكرتني ببطلتي الكويتية عائشة الحشّاش، وأرجو الرجوع لمقالي عنها. على أن "نور الهدى" منَّ اللهُ عليها بظرفٍ أكبر.. فهي مصابة بتشوّهٍ العمود الفقري، والحجاب الحاجز، لذا فهي تضغط لي مضخة أوكسجين مطاطية معلقة برقبتها طول حياتها، ولو لم تعمل لاختنقت، لذا فإن بيتهم كوحدة عناية مركزة. هذه الفتاة مبهرة العبقري ورئيسة إدارة قسم الأعصاب في المستشفى الراقي الملك فهد التخصصي في الدمام.. هي وأختها "ريم" كما عرفت الحالتان الوحيدتان في كلّ العالم، ومعهما قصة أم عظيمة.. أعدكم أن أفرد لهم مقالاً في القريب جدا.
***
* والمهم: فازت فتاةٌ مصرية بلقب العرب أيدول ببرنامج القناة الأشهر بالعالم العربي الـ "إم بي سي".. وهذا شأنهم ومتابعيهم لا كلمة لي فيه. ولكن، اقتراح مني ــــ والله اقتراحٌ تجاريٌ بصفتي الصغيرة كرجل أعمال ــــ أن يعدّوا ويقدموا برنامجا يكون عنوانه "تعويضاتٌ إلهيّة" تُقدّم فيه إبداعات ذوي الإعاقة، وأضمن لهم أعلى نسب المشاهدة، لماذا؟ لأنها قصصٌ كما تقول شهرزاد: "تكتَبُ بالأِبَرِ، على مآقي البصَر، لتكون عبرةً لمن اعتبر".
في أمان الله،،،،