ربة المنزل بين الحقيقة والتهميش !
مازال الإعلام يدندن محليا وعالميا صبحا و مساءً , سرا وعلانية على قضية عمل المرأة. وإنها نصف المجتمع وإذا توقف نصف المجتمع شُلت حركته .ونسينا في خضم ذلك الوهج الإعلامي الشديد والمركز على المرأة العاملة, المرأة الأخرى والتي هي أيضا تعمل ولكنها تعمل بصمت وبلا ضجيج وبفعالية عالية تلك هي ربة المنزل .
في البداية أريد أن أتساءل , لماذا نحن نحدد صبغة ونوع العمل , فنقول هذا يسمى عملا والأخرى بالمفهوم العام للمجتمع لا يعد عملا. فمن الذي فرض علينا أصلا نظرية أن ربة المنزل ليست امرأة عاملة ذلك المفهوم حتما خاطئ . فهي تعمل على مدار الساعة بثلاثة وظائف على الأقل فهي أم وربة منزل وزوجة . وهي تؤدي ذلك على أكمل وجه ما استطاعت إليه سبيلا . بل إنها تعمل ذلك كله من أجل الأسرة ثم من أجل بناء مجتمع متماسك.
نحن هنا لسنا ضد عمل المرأة على إطلاقه ولكن نحن ضد تهمش دور ربة المنزل . لماذا لم ينصفها الإعلام ولماذا بخس من قدرها وحقها , وجعلها تظهر على أنها ضعيفة مهملة وأن دورها ليس رئيسيا ومحوريّا في المجتمع . لقد ظهرت تلك النظرة المشؤمة مع بديات الثورة الصناعية في أوروبا . بل حتى شكلها حشروا أنفوهم فيه , فغيروا الأذواق بعد كانت المرأة المكتنزة والممتلئة هي رمز رقة والأنوثة و الجمال , أصبحت المرأة النحيفة العاملة بعد النهضة الصناعية هي التي تمثل معيار الجمال .
وهنا مازلت أتساءل أيضا لماذا لا نرى إعلانات في الصحف أو الفضائيات تمدح ربة المنزل , وأنها جزء مهم من المجتمع وله دور فعّال لا يقل أهمية عن الطبيبة أو المعلمة أو حتى الوزيرة . بل نحن نستغرب أننا نسمع بين الفينة والأخرى عن دور الخادمة وأخبارها ومصائبها في البيوت أكثر مما نسمع عن إيجابيات وهمة ربات البيوت . نحن دائما نتحدث ونلمّع صورة المرأة العاملة تكرارا ومرارا فكأننا في المقابل وبصورة اللاوعي نُقلل من شأن تلك المرأة التي ضحت بكل وقتها من أجل مجتمع لا يشعر بتفانيها .
نعم هي حقيقة أصدح بها فالإعلام المنطوق و المرئي لم ينصفها ويعطيها حقها . فأين هي تلك المسلسلات أو الأفلام التي تمجد دورة ربة المنزل , وأين الصحف والتقارير والأرقام والإحصائيات التي تبين دورها و عدد ساعات عملها في اليوم والليلة .وأين البرامج التلفزيونية التي تتحدث وبإسهاب عن الفوائد الصحية والنفسية لدورها في البيت , بل أين الجوائز والمسابقات المعنوية والحسية التي تقدم لربة المنزل .
لقد أبدع الجيل السابق من ربات البيوت و أدى دوره على أكمل وجه . ثم هو أعطى الراية لمن بعده , ولكن لم يحمله إلا القلة منهن فلله درهن . ولعل هناك حسرة تعصر قلوبنا بأننا لم ننصفهن ونمدحهن ونمجدهن إعلاميا كما فعلنا مع المرأة العاملة .
ولكننا هاهنا نقول و بكل وضوح , أن ربة المنزل هي امرأة عاملة مجتهدة و يحق لها بلا شك أن تفتخر بمنصبها الإداري والتنفيذي , فلولاها لم استقرت الأسرة ولا المجتمع , فتحية إكبار وإجلال لكُنّ أجمعين