الميزانية.. مفهومها وطرق إعدادها

مع نهاية كل سنة ميلادية ينتظر جميع المواطنين إعلان الميزانية العامة للدولة، ويجهل البعض من أفراد المجتمع المفهوم العام للميزانية، لكن التعريف المتفق عليه من جميع المحاسبين وذوي الاختصاص هو (على أنها بيان تقديري تفصيلي معتمد يحتوي على الإيرادات العامة التي يتوقع أن تحصلها الدولة والنفقات العامة التي يلزم إنفاقها خلال سنة مالية مقبلة) ومن خلال هذا التعريف فالميزانية تعتبر بمنزلة البرنامج المالي للخطة عن سنة مالية مقبلة من أجل تحقيق أهداف محددة في إطار الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة. وأستخدم لفظ الميزانية لأول مرة في بريطانيا ويقصد به الحقيبة التي يحمل فيها وزير الخزانة البيان المالي للحكومة الذي يحوي موارد الدولة وحاجاتها وهو بصدد تقديمها للبرلمان للحصول على موافقة الهيئة التشريعية.
ومن خلال هذا التعريف يتضح للجميع أن الميزانية تعتمد على عنصرين هما تقدير الإيرادات التي سيتم تحقيقها من قبل الحكومة واعتماد المصروفات خلال العام المقبل التي سيتم صرفها على الاحتياجات العامة للدولة. ومن هذا نستنتج أنّ الميزانية العامة للدولة ما هي إلاّ بيان بإيرادات الدولة ومصروفاتها أو خطة مالية يتم على أساسها اتخاذ القرارات الخاصة بالنفقات العامة للدولة وإيراداتها لفترة قادمة، أي أنها تمثل برنامجا ماليا يتضمن السياسات المالية والأهداف التي تسعى الدولة لتحقيقها، وكذلك يتضح أن ميزانية الدولة تقديرية وليست فعلية وأيضا أنها تتعلق بفترة مالية محددة تكون عادة سنة، وأهم الأساسيات أن تكون معتمدة من قبل السلطة التشريعية، وهو مجلس الوزراء في المملكة.
وقد تتساوى النفقات مع الإيرادات، أما إذا زادت الإيرادات على النفقات فيصبح هناك فائض في الميزانية بينما إذا زادت النفقات عن الإيرادات فيحدث العجز في الميزانية.
وتعد الميزانية بمثابة خطة عمل للحكومة تصدر بموافقة السلطة التشريعية واعتمادها في الفترة المقبلة الذي يعكس سياسة الدولة في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهي تنبؤ وتقدير لذلك يجب السماح بوجود مرونة كافية كي تساعد على التكيّف مع الاحتمالات غير المتوقعة، وتعتبر الموازنة العامة أداة لتوجيه السياسات العامة للدولة من أجل تحقيق الأهداف العامة للدولة، لذا يجب على السلطة التشريعية متابعة ما تم اعتماده سابقا مع سلامة التنفيذ سعيا لتحقيق الأهداف التي من أهمها رفاهية المجتمع المسؤولة عنه.
تعتبر الميزانية العامة للدولة مؤشرا عاما للمستقبل فمن خلالها ترسم الأهداف المرجو تحقيقها بغرض توجيه الأوضاع إلى المسار الصحيح وكأداة رقابية وهي أهم وثيقة اقتصادية تملكها الدولة لكونها توفر معلومات تتعلق بأثر السياسات الحكومية في استخدام الموارد وتوزيعها من أجل النمو وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
الميزانية العامة أداة لتحقيق التوازن الاجتماعي والقضاء على التفاوت بين دخول الأفراد وضمان وصول الخدمات العامة دون مقابل، وللميزانية العامة أهمية محاسبية بالاعتماد في ذلك على النظم والأساليب المحاسبية، وذلك بتحديد أنواع حسابات الإيرادات والنفقات التي ينبغي على المصالح الحكومية إمساكها من أجل تنظيم وضبط معاملاتها المالية، لذ يكون هناك حساب لكل نوع من الإيرادات والنفقات وفقا لطريقة ومدة اعتماد الميزانية، فالنظام المحاسبي يساعد على استخراج الحساب الختامي للموازنة العامة الذي يتضمن الإيرادات والمصروفات الفعلية التي حصلت أو صرفت خلال السنة المالية، لذا وجب رفع مستوى المهارة مع تحسين الأنظمة الإدارية والمحاسبية في أجهزة الدولة لتحقيق أهداف الميزانية العامة.
وهناك ثلاث خطوات من أجل إعداد الميزانية، هي: أولا إعداد الميزانية، حيث تقوم الوزارات والمصالح الحكومية المختلفة بوضع تقدير لإيراداتها ومصروفاتها لسنة مالية مقبلة وترسلها إلى وزارة المالية والاقتصاد الوطني (قسم الإدارة العامة للميزانية) لمناقشتها مع المسؤولين في الجهات الحكومية ومن ثم توضع ميزانية مقترحة. بعد ذلك تبدأ الخطوه الثانية وهي اعتماد الميزانية بعرضها على مجلس الوزراء من أجل مناقشتها أو إجراء تعديل إذا لزم الأمر، وفي حالة الموافقة عليها يصدر مرسوم ملكي باعتماد الميزانية بشكل نهائي. ثم تبدأ المرحلة الأخيرة وهي مرحلة تنفيذ الميزانية من تاريخ اعتمادها من السلطة العليا ثم تبلغ كل وزارة ومصلحه بميزانيتها النهائية للعمل بموجبها، وأخيرا بعد مرحلة التنفيذ وفي نهاية السنة المالية تعد كل جهة الحساب الختامي.
أما القواعد فهناك العديد من القواعد الأساسية التي يجب اتبعاها عند إعداد الميزانية، وهي:
أولا: القاعدة السنوية، المقصود بها أن تكون الفترة الزمنية التي تعد الميزانية عنها سنة مالية 12 شهرًا سواء بدأت في أول السنة المالية أو في أي شهر آخر من شهور السنة والسبب في اختيار الفترة الزمنية بسنة إمكانية التنبؤ بالعوامل التي تؤثر في الإنفاق العام وفي الموارد العامة وسهولة الرقابة وكذلك إعداد الميزانية ومناقشتها واعتمادها يتطلب وقتا وجهدا لا يقل عن السنة وصعوبة إعداد تقديرات دقيقة لبعض النفقات والموارد إذا زادت المدة على سنة. ثانيا: قاعدة العمومية يقضي هذا المبدأ أن تكون الموارد والنفقات شائعة فلا يجوز تخصيص إيرادات معينة لمقابلة مصروفات معينة وذلك حتى لا تفقد الموازنة العامة مرونتها.
ثالثا: قاعدة الشمول يقضي هذا المبدأ أن تكون الميزانية العامة للدولة شاملة لجميع النفقات والإيرادات، وذلك بتسجيل إيرادات ومصروفات كل جهة على حدة دون عمل مقاصة فيما بينها. لتحقيق رقابة فاعلة على كل موارد الدولة واستخداماتها.
رابعا: قاعدة الوحدة وهي أن تكون للدولة الميزانية واحدة تحتوي على كل نفقاتها وإيراداتها على اختلاف قطاعاتها في وثيقة واحدة. الأمر الذي يساعد على معرفة الظروف الاقتصادية والمالية للدولة وسهولة الوصول الى إلمعلومات من قبل المستخدمين وذوي الاختصاص.
خامسا: قاعدة التوازن، ويقصد بها أن يكون توازنا رقميا بين مصروفات الميزانية وإيراداتها، بمعنى أن يكون جانب المصروفات مساويا لجانب الإيرادات. إلا أنه قد يكون هناك عجز في الميزانية أو فائض بسبب الظروف التي تمر بها الدولة وتتم معالجتها إما بضغط الإنفاق أو زيادة الإيراد أو الاقتراض.
كما أنه يجب أن تتسم الميزانية العامة بالوضوح الكافي بعرضها بطريقة بسيطة ومقبولة، حيث لا تدرج الاعتمادات مجملة، بل مفصلة، كذلك استخدام الأشكال الهندسية والرسومات البيانية. وكذلك يجب أن تكون هناك مرونة من أجل سهولة تنفيذ ومراعاة الاحتمالات المختلفة التي قد تواجهها خلال السنة، والبحث عن بدائل لهذه الاحتمالات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي