«الشورى» .. وتفعيل دور المرأة في الحوار
إن المراحل التي تمر بها المجتمعات المتقدمة حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من القفز في كثير من المجالات الصناعية والتجارية والتكنولوجية، وغيرها من القنوات المختلفة والمتعددة، تجعل الحراك في كثير من المجتمعات أمرا حتميا، من أجل بلوغ هدف التطوير وتلبية احتياجات المواطن داخل وطنه، ومن يسلط الضوء على مجتمعنا السعودي، سيلاحظ أن بداياته كانت بصورة الحياة البسيطة التي تعتمد على حياة البادية بكل ما في تلك الحياة البدوية من قيم ومبادئ وسمات تعكس الرجولة والقوة وكرامة الإنسان، إلى ما وصل إليه مجتمعنا من تطور ونهضة، استطاعت أن تزيد من الوعي الفكري والاجتماعي والاقتصادي من خلال التطورات العلمية، وحيث إن ديننا الإسلامي الحنيف حث الإنسان على أن يستفيد من مصادر المعرفة والعلم قدر المستطاع، حتى وصل مجتمعنا إلى ما وصل إليه من علم ومعرفة، فامتلأت المدارس والمعاهد والمستشفيات والوظائف المختلفة بالكوادر الوطنية، من النساء والرجال التي يفخر بها الوطن، بعد أن كان التعليم أمرا محظورا في المجتمع، ولم يصل الأمر إلى هذا الحد فحسب، بل أثبتت كثير من الطاقات السعودية كفاءتها على مستوى الدول المتقدمة، ويوما بعد يوم، نجد من تلك الطاقات ما يبرز في مجالات مختلفة ونادرة ولم يكن الرجل وحده صاحب قصة التطور والنجاح، لكن حتى المرأة السعودية استطاعت أن تثبت ذاتها ومكانتها أمام العالم، فنجحت في قفز خطوات وخطوات إلى ما يثبت أهميتها ويجسد طاقاتها الفكرية والنفسية في الوعي والإصرار، ولقد جاء الأمر السامي لخادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بتفعيل دور المرأة في مجلس الشورى، ليتوج تلك الجهود ويضع تلك الطاقات الطموحة في القنوات التي تخدم بها المرأة السعودية مجتمعها، انطلاقا من الزاوية التي تستطيع المرأة وحدها أن تراها، وبذلك فإن الرأي الذي تتبناه المرأة تحت مظلة مجلس الشورى، سيدفع إلى تفعيل الكثير من الاحتياجات التي تخص المرأة بشكل خاص، وبالتالي هي تسعى إلى حل العديد من المشكلات التي تواجه المرأة في المجتمع وتتبنى طرقا إيجابية لحلها، فالمجتمع فعلا في حاجة ماسة جدا إلى أن تفعل المرأة عرض شيء من آرائها على طاولة التشاور والحوار، وكما أن للرجل مجالات يتبنى عملية طرح الرأي بخصوصها، فإن للمرأة أيضا الحق في نقل ما تشعر به النساء في مجتمعهن وما يرغبن في تفعيله وتطويره، فالخطوة أكثر من رائعة، فهي إنجاز حكيم، وكما اعتدنا من خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله ورعاه – بقراراته الحكيمة والبناءة بهدف أن يحفظ للمرأة دورها ويدعم وجودها في المجتمع، في عصر كان صوت المرأة ملحا للتعبير عن ذاتها وعن مشكلاتها وأزماتها وطرح ذلك بصورة واضحة ومناقشته بكل وعي واتزان. إن مجتمعنا فعلا في حاجة إلى أن تفعل المرأة بتلك الأدوار ولا تعارض إطلاقا بين الشريعة السمحة وبين التطوير والتعديل، بل بالعكس لقد أقر الدين الإسلامي تطوير الفرد وبناء المجتمع وإعداد المرأة إعدادا صالحا، وهذا الدور الذي ستفعله المرأة في مجلس الشورى سيحمل أصوات نساء المجتمع وسيحمل الأفضل للمرأة - بإذن الله.