المدينة.. قيم التسامح والإيثار
المدينة عاصمة الثقافة الإسلامية الأولى اختيرت أخيرا عاصمة للثقافة الإسلامية وسط فرحة وسرور من أبناء طيبة الطيبة ليسلط ذلك بعض الضوء على كافة مناحي الحياة ابتداء من سكن حبيبنا وسيدنا المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ووصولا إلى زماننا الحاضر.
ولعل نقطة التحول الأهم على مر العصور للمدينة المنورة هي الهجرة النبوية الشريفة وما يتبعها من الارتقاء في القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة التي ساهم الفاتحون في وصولها إلى أصقاع الأرض وما زالت آثارها باقية حتى عصرنا الراهن.
والإشعاع الذي انطلق من هذه الأرض المباركة واحتضانها قبر سيد المرسلين والعالمين أجمعين يحتم علينا نحن أبناءها وساكنيها أن نعطي صورة مشرفة لزوار المدينة من حيث التسامح والمساعدة والإيثار الذي اشتهر به أهالي المدينة المنورة ونزلت فيهم الآية الكريمة: ''وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ'' ونرجو أن نكون امتدادا لسلفنا الصالح، لنكون مستحقين لما تكنه لنا الأمة الإسلامية من محبة.
والحمد لله أن زائر هذه المنطقة يشعر بالراحة النفسية والطمأنينة ومدى تسامح أهلها وأريحيتهم، ولكن عندما تأتي لعمل أو استثمار أو مراجعة في إحدى الدوائر الرسمية الحكومية تتفاجأ بسلسلة من الإجراءات وبحجم البيروقراطية الذي لا يمكن أن تجده في أي منطقة من مناطق المملكة الأخرى وكأن المدينة حالة استثنائية.
أشياء كثيرة تقال عن حجم التعقيدات التي يمارسها الموظفون في مؤسسات المصالح المختلفة، أمر يحتاج معه المراجع إلى الصبر، وعندما نريد أن نتحدث عن هذه المعوقات نجد من يذكرنا وكأنه أمر واقع لا محالة بحديث نبينا الكريم: ''من صبر على حرها وبردها ولأوائها كنت له شفيعا يوم القيامة''.
ومن الواجبات الموكلة علينا نحن أبناء هذه المدينة الطاهرة أن نساهم في العمل على إزالة كافة المعوقات والموانع التي تعيق خدمة المواطنين وتكريس مفهوم خدمة المواطن والمقيم والزائر وصولا إلى ما يأمله ولاة أمرنا في إطار العمل المؤسسي المنظم الذي ينظر في مصلحة الوطن والمواطن على حد سواء وفقا للقاعدة الشرعية: ''لا ضرر ولا ضرار''.