شركة الاتصالات .. ما الحكاية؟
في يوم الأحد 17 آذار (مارس):
خطوة مفاجئة للجميع، باستثناء موظفي شركة الاتصالات، كما يبدو، أعلنت شركة الاتصالات السعودية أن الدكتور خالد بن عبد العزيز الغنيم الرئيس التنفيذي للمجموعة تقدم باستقالته من منصبه مساء أمس، أي في 16 آذار (مارس) لظروف خاصة، ووافق مجلس الإدارة على هذه الاستقالة بتاريخها على أن يحدد تاريخ سريانها في وقت لاحق سيتم إعلانه في حينه.
في يوم الإثنين 25 آذار (مارس):
أشارت شركة الاتصالات السعودية إلى إعلانها السابق، وأعلنت أن مجلس الإدارة وافق في جلسته المنعقدة قبل هذا الإعلان بيوم أي في 24 آذار (مارس)، على سريان استقالة الدكتور خالد الغنيم الرئيس التنفيذي للمجموعة اعتباراً من نهاية دوام يوم الأربعاء 27 آذار (مارس).
في اليوم نفسه الإثنين 25 آذار (مارس):
تعلن شركة الاتصالات السعودية أن مجلس إدارة الشركة وافق في تلك الجلسة على تعيين المهندس عبد العزيز بن عبد الله الصقير عضوا منتدبا للشركة، إضافة إلى رئاسته مجلس الإدارة اعتباراً من نهاية دوام يوم الأربعاء الأخير للرئيس التنفيذي السابق الدكتور خالد الغنيم، ولحين تعيين رئيس تنفيذي جديد للشركة.
توالٍ سريع للأحداث في شركة الاتصالات السعودية، فاستقالة الرئيس التنفيذي كانت مفاجئة ليس لأنه كفء، كلا، لكن لأنه لم يتجاوز عمله في الشركة أكثر من تسعة أشهر، بمعنى أنه لم يكمل عامه الأول، كما أن الغنيم تم ترشيحه وتعيينه عن طريق مجلس الإدارة الحالي، كما أنه من المعلوم أن الدولة تملك 70 في المائة من الأسهم، وبالتالي فهي الجهة المتحكمة في الإدارة بحكم أنها التي ترشح ممثليها أو توافق على الغير في تشكيل مجلس الإدارة.
المفاجأة الثانية، هي السرعة التي تمت بها الموافقة على الاستقالة، فحسب إعلان الشركة تمت الموافقة على الاستقالة في اليوم التالي لتقديمها، كما أن قبول الاستقالة في مثل ظروف الشركة التي تمر بها، خاصة التغييرات الهيكلية والإصلاحات التي يتبناها المجلس والرئيس التنفيذي تحتاج إلى التأني والتدقيق قبل اتخاذ هذا القرار الحساس المؤثر في الشركة من حيث الحجم والتوقيت، خاصة أن مجموعة من كبار التنفيذيين قبلت استقالاتهم خلال الأسابيع السابقة لاستقالة الرئيس التنفيذي.
المفاجأة الثالثة، هي سرعة البت في سريان الاستقالة، حيث قرر المجلس سريان الاستقالة بعد مضي 11 يوما فقط على الاستقالة، وعشرة أيام فقط على قبول الاستقالة، على الرغم من أن المجلس في سعة من أمره، حيث إن لديه مهلة ستة أشهر حتى تسري الاستقالة، لكن المجلس مضى قدماً في حسم أمر الدكتور خالد الغنيم، فأعطى إشارات غير مريحة للسوق والمتعاملين والمتابعين فتحت باب التكهنات.
المفاجأة الرابعة، هي تعيين رئيس مجلس الإدارة عضواً منتدباً، إضافة إلى رئاسته مجلس الإدارة، حيث إن هذا التعيين يعيد الشركة عشر سنوات للوراء في تطبيقات الحوكمة وترشيد اتخاذ القرار، فتقلد رئيس المجلس مهام العضو المنتدب أمر غير مرغوب في أدبيات الحوكمة.. فكيف إذا كان هذا التعارض والشركة دون رئيس تنفيذي؟!
جملة من الحركات السريعة غير المفهومة في شركة الاتصالات، دون أن يعرف أحد ما الحكاية؟ لا تصريح من الشركة عن سبب الاستقالة، ولا استفسار من هيئة سوق المال عنه!
فما يحدث لم يكن ليحدث لو كانت الأمور تسير في سياقها الطبيعي، فهناك لبس ما! كلا.. عفواً فإن الأمر يتعدى كونه لبساً، فتسارع الأحداث في سياق مختلف عن طبائع الأمور يستدعي التكهن، فقد بدا المشهد وكأن رئيس المجلس كان يطمع في صلاحيات الرئيس التنفيذي، ذلك ما بدا لي على الأقل، التفسير الثاني هو أن الخلاف بين الرئيسين وصل إلى حد لم يكن معه التعايش ممكناً! طبعاً الاحتمال الثالث، وهو الذي لم أطرحه هنا هو أن يكون هناك خلل ما في الشركة من أحد الطرفين (ولا أزكي على الله أحدا)، لكن سمعة كلا الطرفين أكبر وأنظف وأزكى مما قد يثار حول هذا الموضوع من غبار!
رئيس مجلس إدارة شركة الاتصالات، الذي أصبح أيضاً عضواً منتدباً، وهو المهندس عبد العزيز الصقير أحد المواطنين الأكفاء المؤهلين، فهو حاصل على شهادة الماجستير في الهندسة الكهربائية من جامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة، وعمل سابقاً رئيساً تنفيذياً لشركة الإلكترونيات المتقدمة، والشركة السعودية للكهرباء، وشركة تطوير التعليم القابضة، إضافة إلى رئاسته وعضويته في عدد من مجالس الإدارات لعدد من الشركات، وقد يكون الشخص المناسب ليكون رئيساً تنفيذياً للشركة للمرحلة المقبلة، لكن لا معنى لجمع رئيس المجلس بين المنصبين إلا أنه تساهل من المجلس نفسه!
في رأيي - أن الشركة يجب أن تفصح بشكل واضح عن أسباب استقالة الرئيس التنفيذي (وليس هناك إشكال بأن يكون السبب اختلاف طريقة الإدارة بين الرئيس والمجلس)، كما أقترح على مجلس الشركة أن يتفرغ المهندس الصقير للإدارة التنفيذية للشركة، وأن يفصل تماماً عن منصبي الرئيس والعضو المنتدب، اللذين أرى أن الجمع بينهما يعد خللاً، فكيف والشركة بلا رئيس تنفيذي؟!
ختاماً .. وضع الشركة حالياً حساس والمسؤولية الأساسية على المجلس ككل، الذي من واجبه أن يتخذ القرارات الحاسمة لفصل هذه الوظائف المتعارضة عن بعضها بعضا، وتكون لهيئة سوق المال كلمة فصل واضحة، وقبلها للحكومة ممثلة في صندوق الاستثمارات العامة أو وزارة المالية، بحكم أنها المسيطر الرئيس على الشركة.