الطاقة هاجس العالم والسعودية
الاهتمام بالطاقة هاجس عالمي ودولي، وترشيد استخداماتها صار أمرا محط عناية متزايدة وبالغة الأهمية، خصوصا منذ عقدين من الزمن، في ظل تنامي ثورة معلوماتية وصناعية غير مسبوقة. وبحكم أن السعودية تعتبر إحدى الدول المهمة جدا في مجالات الطاقة في الخريطة العالمية، فقد سايرت هذه الهموم العالمية لتبدأ جهودا في هذا المجال والشأن العالمي، وبالذات الانعكاس المحلي لاستهلال الطاقة. ومع التنامي الاقتصادي للمملكة وزيادة الأنماط الاستهلاكية المحلية، زادت معدلات النمو في الاستهلاك للطاقة، مما أدى إلى وضع تقديرات عالية لذلك النمو تفوق المعدلات الدولية، حيث تصل إلى (4 - 5 في المائة) سنويا خلال العقدين المقبلين، الذي إن سار بهذه الوتيرة فلن يكون هناك مجال لتصدير النفط بالذات في نهايتها، بل استهلاك جملة الإنتاج.
ومن هذا المنطلق بدأت المملكة جهودها الرامية نحو التصدي لهذا الهاجس لتبدأ برنامجا وطنيا لإدارة وترشيد الطاقة، وذلك في نيسان (أبريل) عام 2003، ثم تحول أخيرا إلى مركز وطني دائم سمي "المركز الوطني لكفاءة الطاقة". ولن أدخل في تفاصيل هذا البرنامج الطموح لتشعب محتوياته وإطاره العام وتفاصيل آليات تنفيذه، غير أنني سأحاول ملامسة واحد من هموم التنفيذ، خصوصا من واقع نتائج تطبيق البرنامج منذ إنشائه، حيث أسترشد بأعمال المنتدى الذي عقده الأمير عبد العزيز بن سلمان الخميس 4/4/2013 للمجموعة الاستشارية لهذا البرنامج.
إن مثل هذا البرنامج من المعروف أنه يهم وتتقاطع به مصالح كل القطاعات الاقتصادية العامة منها والخاصة تقريبا سواء على المستوى الفردي أو المؤسساتي، ولذلك فهناك صعوبة بالغة في توحيد الجهود لخدمة أهداف البرنامج في النهاية، التي على رأسها الاستخدام الأمثل للطاقة في كل المجالات. إن هذا التشابك وكثرة الأطراف التي يتطلب البرنامج التعاون منها كي يؤدي نتائجه المؤملة، لهو في نظري من أهم القيود التي إن لم يعمل بكل جدية على مأسسة أعمالها فلسوف تنتهي بجهود فردية أو شبه فردية من كل جهة، وستفتقد التمازج والاندماج، مما يؤدي إلى تدنٍ في النتائج الجمعية والمحصلة النهائية نحو تحقيق الهدف، خصوصا أن أغلبية تلك الأطراف هي قطاعات أو مؤسسات حكومية، ومثلما هو سائد ومعروف في كل العالم، أنها الأكثر في أنظمتها البيروقراطية مقارنة بالقطاع الخاص.