الأندية الرياضية .. أين التوجه؟
منذ أن أنشئت الأندية الرياضية في المملكة ونحن نقرأ على لوحاتها: "نادي كذا رياضي، ثقافي، اجتماعي"، وهذا لا يعني أن النادي كمنشأة سيكون نشاطه في عالم الرياضة فقط بل الثقافة والاجتماع. وهذا ما هدفت إليه في الأصل السياسة المهتمة بشؤون الشباب وتنفيذ هذه الأهداف عن طريق تلك الأندية، إلا أن المتأمل في الأنشطة التي تزاولها أغلبية الأندية، يجدها تتركز على الجانب الرياضي وتهميش الجانبين الثقافي والاجتماعي، وهذا أمر طبيعي من واقع جاذبية الرياضة لدى الشباب. غير أن عنونة اهتمامات النادي بغير الرياضة هو الخطأ في تقديري، وذلك لكيلا تتبدد الجهود لغير هذا الجانب، ولكيلا تكون الجوانب الأخرى "ثقافي" "اجتماعي" مجرد كلمات توضع على لوحة النادي.
وعلى أي حال لا ينكر بعض الاهتمام الجدي من بعض الأندية بالجوانب غير الرياضية، لكنها تبقى إضاءات فردية لا تكاد تعرف بالحجم الذي يجب أن تكون عليه. نعم الأندية كيانات من ضمن مؤسسات المجتمع المدني ويجب أن يكون اهتمامها لمصلحة المجتمع ككل، ولكن حين لا يكون الهدف واضحاً برؤية اقتصادية معلومة ومتسقة مع أساليب الإدارة الحديثة بتحديد الرؤية والرسالة والأهداف بشكل سليم وواضح، فإن مقاييس الأداء وبالتالي المحاسبة ستغيب نظراً لضبابية الموقف.
إن هناك مقاييس معروفة للأداء تقريباً لأي نشاط، وذلك من واقع طبيعة أعمالها، وكلما اتضحت رؤية وأهداف المنشأة أكثر، أوجدت لها مقاييس أدق قادرة على تقويم أداء المنشأة وكفاءتها وإنتاجها. ولعلّي في هذا المقام أذكر جانباً من جوانب القصور في مراجعة أداء الأندية لكونها مؤسسات حكومية تقريباً ومن الواجب أن يُعلم ويُقوّم أداؤها، إلا أننا نبقى مأسورين بالمنافسات الرياضية التي تشارك فيها، وبالتالي نسيان أدائها حتى الرياضي. ولقد حاولت أن أصل إلى أي مادة مكتوبة مصدرها هذه الأندية الرياضية كتقرير سنوي مثلاً أو ما شابهه كي أتعرف على جوانب أدائها والانجازات التي تحققت ولكنني لم أجد سوى معلومات من مواقعها الإلكترونية أغلبيتها الطاغية على الجوانب الرياضية البحتة.
إن الأندية الرياضية في المملكة شأنها كأي مؤسسة مستقلة في الإدارة والموارد المالية وخلافه، وبالتالي فمن الواجب أن يكون لها تقرير سنوي يعد بالمهنية المتعارف عليها شاملاً ميزانياتها وقوائمها المالية، وبهذا على أقل تقدير سيسهل من مهمة قياس الأداء وتحديد مواطن القصور والضعف نحو تحقيق الأهداف المنشودة، التي يجب أن تكون قبل كل هذا محددة من واقع استراتيجية شاملة وبوضوح أكثر من كتابتها مجرد عناوين توضع على لوحة النادي.