البرامج التلفزيونية النافعة
برنامج من سيربح المليون هو برنامج يهدف إلى خدمة المجتمع، فيزج بين الحين والآخر بمليونير جديد في مجتمعنا العربي الكبير، وهناك برنامج يعتني بالسيارات القديمة فيحولها إلى سيارات فاخرة، وهو بذلك يطرد سيارة قديمة مشوهة من شوارعنا ويستبدلها بسيارة رائعة التصميم، وهناك في أمريكا برامج أخرى هادفة، مثل البرامج التي تهتم بتغيير أثاث منزلك إلى أثاث جديد، وبذلك تغير في كل حلقة منزلا فترفع مستوى أثاثه وتصميمه إلى مستوى مرموق، وهناك برامج يقوم فيها فريق عمل متخصص بتنظيف منزلك فتحول في كل حلقة منزلا قذرا إلى منزل نظيف، وهناك برنامج الخاسر الأكبر الذي يحول البدناء إلى أشخاص ذوي قوام معتدل فيقلل نسبة البدناء في المجتمع بشكل مستمر، وهناك برامج مثل برنامج الدكتور فيل الذي يهدف في كل حلقة إلى حل مشاكل الناس النفسية، الواقع أن مثل تلك البرامج كثيرة ومنتشرة في كل أنحاء العالم، وقد يكون لها اسم علمي يعرفه العاملون في مجال التلفزيون فلا شك أن برامج التلفزيون تخضع لمعايير علمية ومهنية يعرفها أهل الاختصاص، والجميع يعلم أن بعض تلك البرامج قد لا نستطيع تطبيقها لدينا؛ لأن المجتمع لم يصل بعد إلى مستوى يتقبل فيه ما تقدمه، وذلك مثل برنامج الدكتور فيل فلن يرضى أحد أن يخرج ليقول للجميع عن مشاكله النفسية أو يتحدث بالعلن عن أموره الخاصة، ولا أدري إن كان سيأتي علينا وقت نتقبل فيه ذلك ولا يكون وسمة عار على صاحبه.
أعتقد أن تلك البرامج مفيدة للغاية، ويجب أن نتوسع باستخدامها لما فيها من منافع كبيرة للمجتمع، بل ونخترع منها ما يناسبنا ويلبي احتياجات مجتمعنا، فمثلا نطلق برنامجا يعنى بتوظيف العاطلين عن العمل، فنجعل ثلاثة من العاطلين عن العمل يتسابقون لشغر الوظيفة بعد أن نؤهلهم عن طريق البرنامج بالدورات التدريبية المناسبة، وبذلك ينقص في كل حلقة عدد العاطلين عن العمل فرد فيتحول إلى شخص منتج ونافع في المجتمع، أو نعد برنامجا يقوم فيه فريق عمل متخصص بتنظيم المنشآت الصغيرة والارتقاء بمستواها الإداري إلى المستويات الاحترافية، وبذلك نجعل الآخرين يرون بأنفسهم أهمية التنظيم والعمل الإداري المحترف، حيث إن كثيرا من أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة لا يؤمنون بأهمية ذلك في تطوير منشآتهم، وفي الوقت ذاته نحول في كل حلقة مؤسسة غير منظمة تعمل بطريقة التجربة والخطأ إلى مؤسسة تعمل بتنظيم عالي الجودة وبأساليب إدارية محترفة، أو نعد برنامجا نمنح فيه من يكشف أي خلل في العمل الحكومي ويثبته بالأدلة جائزة مالية كبيرة، أو نعد برنامجا يحولك إلى شخص ذكي فيمنحك جهازا لوحيا وتلفونا ذكيا وجهاز واي فاي مع اشتراك مجاني لمدة خمس سنوات مثلا مع دورات تدريبية تستطيع معها أن تستخدم تلك الأجهزة وتطبيقاتها المختلفة، فيحول في كل حلقة شخصا لا يستخدم تلك التكنولوجيا إلى شخص يستخدمها بكامل تطبيقاتها، ويمكننا أيضا أن نعد برنامجا يحول في كل مرة شخصا يعاني مشاكل كبيرة بالأسنان إلى شخص ذي ابتسامة رائعة.
ويجب أن نصمم تلك البرامج النافعة بطريقة مشوقة لكي تكون برامج مربحة فنضمن لها الاستمرار والتطور، فالبرامج غير المشوقة لن تجلب مشاهدين، وبالتالي لن تجلب إعلانات كافية لتغطية مصروفاتها ولكي تكون نشاطات مربحة تتسابق مختلف القنوات على تقديمها، فليس من المناسب أن يتم تقديم تلك البرامج على أساس أنها برامج خيرية يتم دعمها بطريقة دعم المؤسسات الخيرية نفسها، فذلك سيضع حدا لاستمرارهان ولن تستطيع أن تتطور وتنجح.
إن نجاح تلك البرامج في الغرب كان بسبب أنها صممت بطريقة مشوقة جذبت لها المشاهدين الذين استمتعوا بها وبطريقة تقديمها، ولم تكن مشاهدتهم لها عملا خيريا يقومون به من باب خدمة المجتمع، فكانت نسب المشاهدة مرتفعة؛ ما رفع عوائد الإعلان في تلك البرامج، وجعل الشركات الكبرى تتسابق لحجز مكان لها في المساحات المخصصة للإعلانات التجارية، ولم تقوم القناة بإنشاء تلك البرامج لأهداف خيرية؛ بل لأنها حققت أرباحا كبيرة، وبذلك أصبحت القنوات لديهم تتسابق لتقديم برامج من هذا النوع، فهل سنصل في يوم ما إلى تحقيق تلك المعادلة الصعبة؟