ما الذي يجعل البلد يتمتع بقدرة تنافسية؟
لعل نمو الإنتاجية هو أهم مقياس لصحة الاقتصاد. لا شيء يهم فيما يتعلق بالإنتاجية بالنسبة لمستويات المعيشة على الأمد الطويل أكثر من التحسينات في الكفاءة التي يستطيع الاقتصاد من خلالها الجمع بين رأس المال واليد العاملة.
في أحدث استبيان صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، احتلت السعودية المرتبة رقم 20 في إجمالي القدرة التنافسية، بعد أن احتلت المرتبة رقم 18 في السنة الماضية. هذا التغير البسيط في المرتبة لا يعتبر مثيراً للقلق، لكن هناك بعض الدروس التي يمكن أن نستفيد منها في هذا المجال. ومن بين هذه الدروس كفاءة سوق العمل، والتي يعتبر التقرير أنها تشكل تحدياً للمملكة.
ومن رأيي أنه حتى تكون لدينا سوق عمل أكثر كفاءة، فنحن في حاجة إلى تحسين التعليم واستخدام التكنولوجيا. تستطيع الشركات تعزيز الناتج لكل ساعة عمل من خلال الاستثمار أكثر من ذي قبل وتزويد العاملين بمعدات وآليات أفضل.
تسير السعودية على الطريق الصحيح من خلال إدخال تغييرات مهمة في السياسة الاقتصادية، لكن الإنتاجية على الأمد الطويل تتحدد بمعدل تبني التكنولوجيات القائمة والجديدة، ومعدل الابتكار المحلي والتغيير في تنظيم الإنتاج.
هناك تحسن في التعليم، وعلى مدى السنوات العشر المقبلة سيكون المزيد من السعوديين قد تأهلوا بالمهارات العلمية أكثر من أي وقت مضى. تشير الأدلة الأكاديمية إلى أن التعليم مرتبط بالإنتاجية. في السعودية، تؤدي زيادة سنة واحدة في المستوى المتوسط لتعليم القوة العاملة إلى تحسن بنسبة 4 في المائة في الإنتاجية.
هناك عامل آخر يحدد نمو الإنتاجية، وهو صحة الشركات المالية، وليس فقط صحة المواطنين، والتي هي مهمة تماماً في المساعدة على زيادة الإنتاجية.
الميزانيات العمومية الضعيفة تقيد توافر رأس المال للتكنولوجيا الجديدة والابتكار. كان أداء المملكة طيباً للغاية فيما يتعلق بالاتصال بالإنترنت، على اعتبار أن أكثر من نصف السكان لديهم الآن القدرة على الاتصال بالإنترنت.
لكن استخدام التكنولوجيات الجديدة يمكن أن يتعرض للضيق نظراً لتوافر العمالة الأجنبية الرخيصة، وهو ما يقيد استخدام التكنولوجيا. في أغلب الأحيان تتم الاستعاضة عن الآلات باستخدام العمالة الأجنبية الرخيصة في المملكة.
يتم في الوقت الحاضر تنظيف معظم الطرق في السعودية من قِبل العمال، بدلاً من وجود شخص سعودي يشغل عربة "مكيفة الهواء" لإنجاز العمل بكرامة وكفاءة ويحصل على راتب يبلغ أضعاف راتب العامل الأجنبي.
إن استخدام الآلات والأتمتة هو جزء من تحول البلد إلى نواتج أعلى من حيث الإنتاجية. وإلى جانب التكنولوجيا، يعتبر الابتكار بصورة متزايدة هو العامل الرئيس في قدرة الاقتصاد على الازدهار.
الإنتاجية ليست كل شيء، وإنما على الأمد الطويل تصبح تقريباً كل شيء. وإن قدرة المملكة على تحسين مستويات المعيشة على مدى الزمن تعتمد اعتماداً شبه تام على قدرتها على زيادة معدل الناتج من كل عامل.