صمت غريب
يقول الخبر الأول إن الاتحاد الدولي لكرة القدم ''فيفا'' أصدر قراراً بمعاقبة منتخب أوكرانيا بلعب المباراة القادمة أمام بولندا في تصفيات كأس العالم 2014 دون جمهور بسبب سلوك عنصري من المشجعين، ويقول الخبر الثاني الذي حرر بسرعة البرق إن الاتحاد الإسباني بادر بشكل عاجل بإيقاف الحكم الذي أدار مباراة ريال مدريد وإلتشي، بعد الأخطاء الجسيمة التي أضرت بفريق إلتشي.
لن يحتاج هذان الخبران إلى لبيب يقرأ ما بين السطور، لكن هذا التحرك السريع يقدم لنا من جهة صورة مع التحية لاتحادات احترافية تقوم بواجبها على أكمل وجه لمعالجة القضايا والمشاكل التي يمكن أن تؤثر بشكل سلبي في المتعة والمنافسة والروح والأخلاق الرياضية، بينما يقدم من جهة أخرى صورة بلا تحية مع مزيد من الاستغراب والاستهجان لما يجري في لجان الاتحاد السعودي من صمت مريب وتبريرات ساذجة لا تمت للقانون بصلة، أو اجتماعات شهرية تعترف بالأخطاء الفادحة والمتكررة التي أصبحت تملأ الوسط الرياضي ضجيجاً واتهامات لا تهدأ دون اتخاذ أي قرارات تقول للمحسن أحسنت وللمخطئ يجب أن تعاقب.
هذا الصمت أو التبرير السطحي الذي تمارسه لجنتا الحكام والانضباط تجاه ما يحدث في مباريات الدوري من خروج على النص وأخطاء واضحة ومتفق عليها هو بالتأكيد أمر مؤسف ويتطلب قرارات عاجلة وحاسمة تطبق اللوائح بكل حزم حماية للمنافسة والأندية التي صرفت وعملت وتكاثرت عليها الملفات الشائكة والمرهقة وباتت في غنى عن أي إثارة خارج الملعب!
لم أجد تبريراً مقنعاً في الأحداث المؤثرة والمثيرة في الجولات الماضية من اللجان المعنية بالدفاع عن نفسها أمام الوسط الرياضي، سواء في قضية العنصرية التي صاحبت مباراة الهلال والاتحاد أو مشاكل التحكيم التي لا تنتهي، وما دامت هذه اللجان مصرة على أن تسير على منهج الصمت هذا أو إبداء التبريرات غير المنطقية في كل موسم كروي، فإنني أتساءل كما تساءلت من قبل: أين تكمن المشكلة؟
هل تبدو المشكلة في ضبابية اللوائح والقوانين أم في الكوادر التي تدير اللجان أم في التدخلات والإملاءات وممارسة النفوذ التي تجبر اللجان على أن تصبح حديث الساعة ومثار الجدل؟
أيا كانت الإجابة التي تحدد واقع المشكلة، فالصمت الغريب يقودنا حتماً إلى طريق واحد لا ثاني له وهو أن منافساتنا الكروية أصبحت تقام بلا لجان، وعلى الأندية المتضررة أن تصدر بيانا استنكارياً أو تساير هذا الصمت فترضى هي الأخرى بهذا الواقع المحبط!