الاستثمار الخليجي في التدريب
تنبهت الدول الخليجية إلى الحاجة إلى التدريب المهني في وقت مبكر، لم يتأخر كثيرا عن إدخال التعليم النظامي وإنشاء المدارس. بل إن بعض الدول أعضاء مجلس التعاون الخليجي أنشأت معاهد التدريب المهني حتى قبل المدارس الثانوية.
وبعد أن قطعت شوطا طويلا في التدريب المهني بجهود ربما كان ينقصها وحدة الإدارة، ارتأت الدول الخليجية أن يتم تسليم مهمة التدريب لجهة واحدة، أو على الأقل أن يكون للتدريب المهني استراتيجية ومنهجية واضحة يتم تكليف جهة واحدة بوضعها والحرص على تنفيذها، وتشجيع المؤسسات العامة والخاصة على الإدلاء بدلوها في هذه البئر العميقة لرفدها بالخبرات، واغتراف النتاج الأفضل منه لما فيه مصلحة المؤسسات نفسها بوجه خاص، والمجتمع والدولة بوجه عام.
ففي المملكة العربية السعودية مثلا، تم إنشاء ''المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني''، وضم المعاهد الفنية ومراكز التدريب المهني تحت مظلتها. فشهد هذا القطاع نموا كبيرا، واتبع منهجية بدأت تتأصل وتتبلور نتائجها الطيبة، فكان من بينها إنشاء الكليات التقنية المختلفة الرامية إلى تلبية حاجة السوق المحلية من المهارات التقنية والمهنية المحلية.
وبعد هذا النجاح الذي تحقق بإنشاء المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، توالت مبادرات حكومة خادم الحرمين الشريفين لتعزيز هذا الصرح، وإعطائه مزيدا من الصلاحيات، بعد إعادة تنظيمه وإضافة مسؤولية تنمية الموارد البشرية الوطنية من خلال التدريب إليه.
وضمن ما وصفت بأنها الميزانية الأكبر في تاريخ المملكة للعام الحالي، شملت الميزانية اعتماد تكاليف إنشاء كليات ومعاهد جديدة تبلغ قيمتها التقديرية أكثر من ثلاثة مليارات و500 مليون ريال، ونفقات افتتاح وتشغيل عدد من الكليات والمعاهد لزيادة الطاقة الاستيعابية للكليات والمعاهد التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني.
مناسبة هذا المقال، هي قرب انعقاد المؤتمر والمعرض الخليجي السادس للتنمية البشرية، الذي سينطلق الشهر المقبل في الفترة من 19 إلى 21 من نوفمبر المقبل في البحرين، والذي يحمل شعار ''إدارة المواهب الجامعية الخليجية - توجيه وإرشاد - تمكين - المواطنين الخليجيين الجامعيين لتأهلهم لمناصب قيادية''.
ففي هذا الحدث المهم، سيتحدث نخبة من المتخصصين يشملون 21 متحدثاً من المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي وبعض الدول العربية والأجنبية الشقيقة حول محاور، أبرزها التوجيه والإرشاد والتمكين، إضافة إلى التركيز على تأهيل الموارد البشرية وخاصة الجامعيين للمناصب القيادية، إذ يجد كثير من ذوي الاختصاص والمهتمين أن الخريج الجامعي لا بد أن يكون متسلحا بتدريب مهني يجعله قادرا على شغل المواقع القيادية في شركات ومؤسسات القطاع الخاص، الذي يعد قطاعا واعدا للأعمال.
ستكون هذه فرصة لتبادل الرأي مع المسؤولين والمديرين والإخصائيين والمشرفين على خطوط الإنتاج في القطاعين العام والخاص الذين سيشاركون في المؤتمر، وخصوصا مديري الموارد البشرية، ومديري التدريب والمدرسين، للاستماع لوجهات نظرهم حول كيفية السير قدما في مسيرتنا الخليجية نحو مزيد من الإنجاز المشترك في التنمية البشرية والتدريب المهني، الذي يعد أحد أهم روافدها.