«الإخوان».. وفرصة أخرى للتدمير
الحديث عن إعطاء "حزب الإخوان" فرصة أخرى للمشاركة السياسية في مصر مهزلة أخرى تضاف إلى رصيد المهازل التي يبرع البعض في الخروج بها بين حين وآخر. لم تكتف الأصوات المنادية بإعطاء فرصة أخرى للحزب الإرهابي بما أحدثه هذا الحزب من إراقة للدماء البريئة، وتدمير للبنى الاقتصادية والعلاقات السياسية. براعة عجيبة في شرخ المجتمع، وتلويث العقول، ومسخ القيم والأخلاق الإسلامية، ناهيك عن التدخلات السافرة في شؤون الدول الأخرى ومحاولة اختراقها لتعزيز عناصرها الإرهابية التي لا تقل خبثا وكيدا في تأليب الرأي العام على الأوطان. مشكلة "حزب الإخوان" تكمن في جوهر فكره الذي يرفض أي شكل من أشكال الدولة الحديثة، والذي ينفي الآخر بطريقة ملتوية مسبوغة بغطاء وهالة دينية غير صحيحة ومشوهة وملتوية. حزب إقصائي لأبعد الحدود، لا يعترف إلا بذاته ولا يمكن له التعايش إلا مع نفسه. حزب امتطى صهوة الدين ليسهل له كسر أي حاجز وعائق يقف في طريق استيلائه وتفرده بأي شكل من أشكال السلطة. حزب طبقي هرمي قائم على السرية المشبوهة. حزب ما إن تولى مقاليد السلطة في مصر، حتى دبت فتنة كادت توقع مصر في حرب أهليه الله أعلم بنتائجها. حزب انهار في عهده جميع الإنجازات الاقتصادية التي تراكمت في الـ 50 عاما الماضية. حزب حرَّم كل ما يعوق تفرده بالسلطة، وحلل كل ما يحكم قبضته على مصر. وفوق هذا نسمع أصواتا تنادي بإعطائه فرصة أخرى للمشاركة السياسية.
والغريب أن البعض في بلادنا ما زالوا يطبلون ويصفقون لهؤلاء الإرهابيين الفشلة. ومحاولة فهم هذا المنطق ليس إلا مضيعة للوقت والجهد. بعض "الإخوان" في بلادنا يغضون الطرف عما تسبب فيه "الإخوان" من مآس تاريخية لمصر، وكأن الأمر برمته لم يكن، هكذا وبكل وقاحة واستفزاز لكل متلق. والحقيقة أن تجربة "الإخوان" لم تفشل في مصر فقط، بل فشلت في كل الدول التي ابتليت بحكمها. وسواء كانت التجربة في مصر أو السودان أو تركيا، فالنهاية تكون سلبية ومأساوية دائما. إراقة دماء، شرخ مجتمعي، اتهامات وتكفير وتفسيق بالجملة. أما من الناحية الاقتصادية فالنهاية في جميع التجارب فضائح فساد عفنة، عجز رهيب في ميزان المدفوعات، انهيار لأسعار الصرف بطريقة درامية وغير ذلك من الأمور التي تزيد الأوضاع الاقتصادية للشعوب رداءة ومأساة. لا يتولى "الإخوان" الحكم إلا وتشتد الخصومة مع جميع دول الجوار والعالم، فجميع الدول على خطأ، وهؤلاء المتحزبون الإرهابيون يسوِّقون لأنفسهم على أنهم الصواب الأوحد.
ومما يؤسف أن المنتمين لهذا الحزب "سواء تنظيميا أو عقائديا أو حتى عاطفيا" من بلادنا، يروجون أن هذا الحزب ضحية الأنظمة المتسلطة الدكتاتورية في المنطقة، والواقع الذي لا شك في صوابه أن تصرفات هذا الحزب هو التعريف الحرفي للتسلط والدكتاتورية والإقصاء والتخلف والإرهاب بشتى أشكاله الفكرية والعملية الميدانية. وهؤلاء "الإخوانيون السعوديون" يستخدمون أساليب "إخوانهم" في الخارج نفسها من تدليس وكذب وإلباس جميع منطلقاتهم السياسية لباسا دينيا لتمريره وتبريره. ونرجو أن يعي "الإخوان السعوديون" ما هم عليه من ضلالة، ونرجو منهم كذلك استيعاب حقيقة أنه لن يسعهم ويحتضنهم في نهاية المطاف سوى بلادهم. بلادهم التي عاشوا في أمنها وأمانها واستظلوا بظلالها.
إن الدعوة إلى إعطاء "الإخوان" فرصة أخرى في مصر ليست سوى دعوة لعودة الإرهاب والإجرام والتفرقة والفتنة والاقتتال، ولا يمكن تصور براءتها أبدا. لا ينبغي التعاطف مع من ثبت إجرامه وإرهابه، وعلى "إخوان السعودية" أن يعودوا عن غيهم وتآمرهم على وطنهم لمصالح الحزب الإرهابي المهزوم. لا يمكن لدولة أن تستقر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وجماعة "الإخوان" في سدة الحكم. ولنا في النموذج المصري والتركي والسوداني مثال واضح على ذلك. إن الدعوة لإعطاء "الإخوان" فرصة أخرى دعوة للفوضى والإرهاب والدمار. إن الدعوة لإعطاء "الإخوان" فرصة أخرى في مصر ليست سوى تصريح واضح على الرغبة في رؤية دمار الدولة المصرية وهلاكها.