الحملة الوطنية لترشيد استهلاك الطاقة .. ادخار للمستقبل
أوضح الأمير عبد العزيز بن سلمان، مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول، رئيس اللجنة الفرعية لإعداد البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة، في حديث له في الجلسة الافتتاحية للمنتدى والمعرض السعودي لكفاءة الطاقة نقلاً عن "الاقتصادية" في العدد 7526، أن المملكة شهدت خلال العقود الماضية نمواً اقتصادياً متسارعاً، ما أدى إلى زيادة الاستهلاك المحلي من الطاقة بمعدلات مرتفعة، فاقت مثيلاتها في دول العالم، إذ بلغ معدل نمو الطلب المحلي على الطاقة نحو 5 في المائة سنوياً، ليصل مستوى الاستهلاك إلى ضعف المستوى الحالي بحلول عام 2030، ما لم تُتخذ إجراءات حيال ذلك. وأكد أنه على الرغم من أن هذا النمو يعزى إلى زيادة عدد السكان، والنمو الاقتصادي، إلا أن جزءاً كبيراً منه نتج عن عدم الكفاءة في الاستهلاك.
إن تدني مستوى الكفاءة في استهلاك الطاقة، تسبب في استخدام الطاقة في السعودية بمختلف أنواعها الأولية، التي من بينها النفط والغاز والطاقة التقليدية، مثل الكهرباء والماء، بشكل جائر لا يقبله العقل ولا المنطق، دونما أي تفكير في العواقب الوخيمة، التي من الممكن أن تحدث في المستقبل القريب أو حتى المتوسط والبعيد من نضوب ــ لا سمح ــ تلك الموارد الاقتصادية المهمة والحيوية لحياة الناس ورفاهيتهم، ولا سيما أن معظم المصادر، التي تعتمد عليها السعودية في توليد الطاقة، تُعد مصادر غير متجددة وقابلة للنضوب، في حال استمرار استخدامها بشكل غير مرشد وغير كفء وبمعدلات مرتفعة مقارنة بالمعدلات العالمية، كما هو واقع الحال في استخدام الكهرباء في المملكة، التي ينمو معدل استهلاكها السنوي بما يعادل ضعف نمو الاقتصاد الوطني، إذ يقدر معدل نمو استهلاك الكهرباء في المملكة بنسبة 8 المائة سنوياً، في حين ينمو الاقتصاد الوطني بمعدل 4 في المائة.
نتيجة لهذا الاستهلاك المفرط لمصادر الطاقة في المملكة، وبهدف ترشيد الطاقة واستخدامها بمعدلات أكثر كفاءة مقارنة بواقع الحال، جاءت فكرة إنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة، الذي يهدف إلى ترشيد الطاقة والرفع من كفاءة استهلاكها، بغية المحافظة على الثروة الوطنية من مصادر الطاقة، وبما يعزز التنمية الاقتصادية، ويحقق في الوقت نفسه أدنى مستويات الاستهلاك لوحدات الطاقة نسبة إلى الناتج المحلي للمملكة، أو ما يعرف بكثافة استخدام الطاقة، التي تعد مقياسا لكفاءة استخدام الطاقة في الاقتصاد، وتحسب على أساس الوحدات من الطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي.
وبغية التأكيد على أهمية ترشيد استخدام الطاقة في المملكة، أطلق المركز في 4 أيار (مايو) من العام الجاري، حملة وطنية على مستوى المملكة لترشيد استهلاك الطاقة، وستستمر لمدة ستة أسابيع، وتستهدف توعية المستهلك باستخدام جهاز التكييف بالشكل المُرشد للكهرباء، من خلال الاهتمام بتنظيف فلتر أجهزة التكييف بصفة دورية (كل أسبوعين)، وإطفاء المكفيات عند الخروج من الغرفة أو المنزل، وضبط الثرموستات عند درجة حرارة 23 ــ 25 مئوية، إضافة إلى اتخاذ بعض المبادرات المساعدة على ترشيد الاستهلاك، مثل إغلاق الأبواب والشبابيك عند تشغيل المكيفات، واختيار سعات المكيفات المناسبة لأحجام الغرف.
وقد بدأت الحملة بالتركيز على قطاع المباني وتحديداً أجهزة التكييف، باعتبار أن قطاع المباني يعد واحدا من ثلاثة قطاعات تستهلك ما مجموعه 90 في المائة من الطاقة في المملكة، وأجهزة التكييف تستهلك أكثر من 70 في المائة من الكهرباء في قطاع المباني، بسبب رداءة أجهزة التكييف في السوق المحلية.
وأكد الأمير عبد العزيز بن سلمان على أهمية الحملة لتوعوية المستهلك، باعتبارها ستسهم بفاعلية في تحقيق أهداف المركز السعودي لكفاءة الطاقة، وستسهم كذلك في أن تصبح مستويات كفاءة الطاقة في القطاعات المستهدفة ضمن المعدل العالمي بحلول عام 2030، بما يحقق خفض استهلاك تلك القطاعات بنسبة 20 في المائة، أو ما يعادل توفير نحو 1.5 مليون برميل نفط مكافئ يومياً من استهلاك الطاقة المتوقع للعام نفسه.
وقد صاحب انطلاقة الحملة، وضع ملصق تعريفي على أجهزة التكييف التي تباع بالأسواق المحلية حسب المواصفات والمقاييس السعودية، بغرض الرفع من توعية المستهلك المرتبط باقتناء جهاز التكييف المرشد للكهرباء حسب عدد النجوم الظاهرة على الجهاز. وقد سبق انطلاقة الحملة، التأكد من أن الأسواق المحلية تتوافر فيها أجهزة التكييف المطابقة للمواصفات السعودية وتعكس قيمة تلك النجوم.
خلاصة القول، إن إنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة جاء في الوقت المناسب، ليسهم بفاعلية في ترشيد استخدامات الطاقة بأنواعها في المملكة، بالشكل الذي يحافظ عليها من الهدر والتبديد، ولا سيما أن معدل استخدامات الطاقة في المملكة يفوق المعدلات العالمية، ما قد يضاعف من احتمال نضوبها قبل انتهاء عمرها الافتراضي. وبغية تحقيق أهداف إنشاء المركز، فقد تبنى المركز تنفيذ حملة وطنية على مستوى المملكة، لتوعية أفراد المجتمع بالاستهلاك المرشد للطاقة، وبالتحديد لأجهزة التكييف في المباني، التي تستهلك أكثر من 70 في المائة من الكهرباء. إن تحقيق المركز أهدافه والحملة أهدافها، سيسهم بفاعلية في ترشيد استخدامات الطاقة في الحاضر، وادخار الطاقة للمستقبل وللأجيال القادمة.