تميز بيئة العمل أداة محفزة على السعودة
الأداء المتميز في العمل يعني رفع مستوى الكفاءة والإنتاج والفعالية في العمل. ويظهر هذا الرفع عبر عدة صفات في العاملين في المنشأة إن لم يمكن كلهم فأغلبية منهم، مثل ارتفاع مهارة العاملين في المنشأة وإنتاج أعمال نسبة الأخطاء فيها قليلة جدا مقارنة بالغير، والوفاء بالمواعيد النهائية لإنجاز الأعمال والقدرة على العمل ضمن فريق والتحسين المستمر للعمل بما يحمله من تجديد وإبداع.
لا يمكن تحقيق بيئة عمل متميزة دون توفير بيئة محفزة على العمل تزيد أداء العاملين. وغالبا ما يكون الرابط إيجابيا قويا بين المؤدي (الشخص أو المنشأة) والأداء. ومن صفات المتميز شخصا كان أو منشأة محبة العمل الذي يقوم به. والمتميز شخصا كان أو منشأة غالبا لا ترضى بالأداء العادي أو إنهاء الأمر على أي صورة كانت والمساواة بالآخرين، بل الرغبة قوية في الإتيان بما هو أفضل.
من طرف المنشأة، هناك علاقة بين نمط القيادة والأداء المتميز للفرد. والشخص المحب للأداء الأفضل تصدمه القيادة المتسلطة أو التي لا تبالي أو لا تقدر الإنجاز بصورة مباشرة أو غير مباشرة كأن تتسم بصفات سيئة كالانتهازية وما يمكن أن يعد نوع سرقة أو تهميش لجهود الآخرين أو التسلط أو الاستبداد أو الظلم. والعكس صحيح مع القيادة المتميزة والمرنة التي تقدر الفرق في الأداء.
وجود الحافز قد يدفع حتى بغير المتميز إلى محاولة التميز للحصول على هذه الحوافز. أي أن هناك علاقة طردية بين بيئة العمل المادية وأداء الفرد المتميز، دون تجاهل لأهمية عوامل أخرى كتوافق طبيعة عمل الفرد وتخصصه العلمي لها حيث لها دور في تميز أدائه. وبصفة عامة، من الممكن أن يتحقق التميز في الأداء بإمكانات مادية قليلة نسبيا ما دامت الظروف الأخرى مهيأة.
الشرح السابق يبين لنا طرفا من أطراف مشاكل السعودة في بلادنا. فبيئة العمل في أغلبية المنشآت تفتقر إلى محفزات دفع العاملين إلى التميز. لنقرأ كلام أحد الموظفين الفائز بجائزة الأداء المتميز في سنة من السنوات. يقول "أحب وظيفتي وعملي بشكل كبير، والمسؤولون يوفرون لي مناخا إداريا مثاليا ويقدرونني، ولا يمانعون في التحاقي بدورات تدريبية لتطوير قدراتي ومهاراتي، بل إن المدير الإداري المسؤول المباشر عني يقدم لي حوافز مالية نظير تميزي في العمل وارتفاع إنتاجيتي".
ما نصيب الكلام السابق في أساليب إدارة أكثرية منشآتنا؟
دون أن نغبط البعض ممن أوتي حكمة وحسن إدارة، يمكن القول إن كثرة من المديرين تبالغ بسوء الظن وتحسن اتباع أساليب متنوعة في العقاب مثل الحسم أو الإنذار أو لفت النظر أو سوء المعاملة للموظف في حالة ارتكابه الخطأ، مقابل التغافل عن تقدير جهود هذا الموظف. من صفات المنشأة المتميزة أن بها إدارة تحسن التعامل مع موظفيها. وليس من الضروري أن يكون التعامل ماديا بحتا.
تقول الدكتورة ريم عبد المحسن التميمي مديرة الجمعيات الخيرية ومراكز التنمية الاجتماعية النسائية بالمنطقة الشرقية (المصدر http://www.tanmia-idaria.ipa.edu.sa/Article.aspx?Id=151) الإدارة التي تقوم على الاستبداد بالرأي والتعصب واتباع أساليب الأوامر والتعليمات والتدخل في تفصيلات عمل الآخرين تخلق جوا مشحونا بالمشكلات والتعقيدات التي تظهر آثارها السلبية بمجرد غياب عنصر الخوف والتسلط، وهناك القيادة المثالية التي تحافظ على تفكير واضح ومنطقي رغم المتاعب وتبحث عن الحقيقة ... وتحكم دون تحيز لآرائها وتصرفاتها الشخصية وتعترف بأخطائها بكل صدق وأمانة وهي التي تحقق الأداء المتميز.
ما أكثر القيادات الإدارية المتصفة بصفات إدارة سيئة. ودون إنكار لأسباب أخرى، سوء الإدارة من أسباب قلة صمود كثرة من السعوديين في منشآتهم. وقلة الصمود تعني ضعف رغبة صاحب العمل في توظيفهم مقارنة بالإخوة الوافدين، حيث لا يتيح لهم نظام الإقامة تغيير صاحب العمل بمحض إرادتهم.