انخفاض متواصل للصفقات العقارية الأسبوعية .. 42.4 %

تتأهب السوق العقارية المحلية لدخول منعطف جديد يتسم بارتفاع درجات المخاطر، تمثل في الاندفاع السريع لوزارة الإسكان وفقا لتصريحاتها الأخيرة نحو فتح قنوات تمويل وإقراض الأفراد الباحثين عن تملك الأراضي والمساكن على أوسع الأبواب، والسير من ثم في طريق يخالف جهود إصلاح تشوهات السوق العقارية، المتمثلة في محاربة احتكار الأراضي عبر إقرار نظام الرسوم عليها داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات، والحد كثيرا من وتيرة المضاربات الشديدة على المساحات المحدودة المتاحة منها، اللذان أديا مجتمعين (الاحتكار، المضاربة) إلى تضخم أسعار الأراضي داخل النطاق العمراني وخارجه طوال العقد الماضي، نتج عنه ارتفاع الأسعار السوقية للعقارات وتكلفة إيجاراتها بصورة كبيرة.

#2#

شكل هذا التضخم الكبير في أسعار الأراضي والعقارات (لب) الأزمة الإسكانية الراهنة في البلاد وتحول في نهاية المطاف إلى واحد من أكبر التحديات التنموية التي يواجهها الاقتصاد والمجتمع على حد سواء، وانخفضت تحت ضغوطه الثقيلة نسب تملك المواطنين مساكنهم، وفي الوقت ذاته ارتفعت التكلفة السنوية لإيجارات المساكن على سكانها المستأجرين، تجاوزت نسب استقطاعها من الدخول السنوية للأفراد نسبة 50 في المائة حتى نهاية 2015.

تتعدد المخاطر الكبيرة بالسماح لمزيد من القروض البنكية والعقارية على الأفراد، في ظل التضخم الكبير لأسعار الأصول العقارية المختلفة، وفي مواجهة ارتفاع حجم القروض المختلفة على الأفراد، التي وصل مجموع أنواعها المختلفة إلى نحو 957.5 مليار ريال بنهاية 2015 (55.0 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي).

#3#

إن من تلك المخاطر ما يتعلق بتهديده للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، عبر احتمال عودة أسعار الأراضي والأصول العقارية المختلفة للارتفاع بصورة أكبر مما سبق، وزيادة تفاقم أشكال الأزمة الإسكانية الراهنة أكثر مما هي عليه تعقيداتها الراهنة، إضافة إلى زيادة انكشاف القطاع التمويلي على تشوهات السوق العقارية التي لم تكتمل بعد الجهود الحكومية لمعالجتها، وكل هذا سيصب في زيادة صعوبات الأعباء المعيشية على المواطنين، نتيجة ارتفاع مستويات القروض على كاهلهم، ونتيجة مواجهتهم مزيدا من الارتفاع في أسعار الأراضي والعقارات، أو في تكلفة إيجارات مساكنهم المستأجرة.

#4#

يمكن القول عن تلك التوجهات المشار إليها أعلاه، التي تزمع وزارة الإسكان المضي فيها بخطى متسارعة، بل لقد بدأ بعضها في السريان منذ الأسبوع الماضي (قروض استهلاكية وعقارية تستقطع 65 في المائة من الأجر الشهري للمقترض)، إضافة إلى ما تضمنته تصريحاتها الأخرى حول اتجاه اللائحة التنفيذية لنظام الرسوم على الأراضي البيضاء لاستثناء عدد من المدن والمحافظات من التطبيق، ومنح مهل زمنية لملاك الأراضي حتى في المناطق المشمولة بتطبيق نظام الرسوم، تستهدف الإعفاء من الرسوم لفترات زمنية تمتد إلى 3-5 أعوام! إنها تعاكس في مفعولها ونتائجها بصورة كبيرة جدا الجهود الحثيثة المبذولة سابقا وفي الوقت الراهن، وهو ما يتعين بالضرورة على الوزارة أن تعيد النظر فيه برؤية أكثر شمولية، وأن تتوخى مزيدا من الحذر تجاه تلك الإجراءات التي تزمع الاستمرار فيها، كونها لن تؤدي إلى إنعاش السوق العقارية كما تعتقد (للعلم هذا الهدف ليس ضمن الأهداف المطلوب منها تحقيقه)، بقدر ما أن تلك الإجراءات ستؤدي إلى مزيد من تعقيد الأزمة الإسكانية (ارتفاع الأسعار، ارتفاع المديونيات).

#5#

لقد كان الأحرى بها الاستمرار في دعم تنفيذ ما تم إنجازه سابقا على طريق الإصلاحات الحكومية الجيدة للسوق، التي تم إقرارها في فترة ماضية، كان مرتقبا في نهايتها القريبة بدء التطبيق الفعلي لنظام الرسوم على الأراضي البيضاء (بعد 109 أيام من تاريخه)، الذي أدى الإعلان عن توصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية للعمل به في 23 آذار (مارس) 2015، ثم إقراره رسميا من مجلس الوزراء الموقر في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 إلى تهدئة وتيرة ارتفاع الأسعار المتضخمة للأصول العقارية باختلاف أنواعها، سرعان ما انعكس عليها بالانخفاض في مستوياتها السعرية المرتفعة مع مطلع الربع الثاني من العام الماضي. وكان لمؤسسة النقد العربي السعودي دورا إيجابيا سابقا لتلك الإصلاحات الحكومية على السوق العقارية، تمثل في بدء العمل بأنظمة التمويل العقاري في تاريخ 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014؛ تحدد من خلال تلك الأنظمة السقف الأعلى للتمويل بما لا يتجاوز 70 في المائة من القيمة السوقية للعقار المستهدف بالتمويل، أسهم بدوره في الحد من ضخ القروض على كاهل أفراد المجتمع، والتورط من ثم في شراء عقارات تضخمت أسعارها السوقية بصورة قياسية خلال الفترة 2006-2014، ترتب عليها بصورة سلبية جدا أن تفاقمت أزمة الإسكان المحلية، عجز معها أغلب أفراد المجتمع السعودي عن مجاراتها سواء على مستوى متوسط الدخل السنوي للفرد، أو على مستوى القدرة الائتمانية لغالبية الأفراد.

الأداء الأسبوعي للسوق العقارية
عاد إجمالي قيمة الصفقات الأسبوعية للسوق العقارية المحلية للانخفاض بنسبة 42.4 في المائة، لتستقر قيمة صفقات السوق بنهاية الأسبوع السابع من العام الجاري عند أدنى من 5.5 مليار ريال، وكانت الصفقات قد ارتفعت خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 38.6 في المائة. وشمل الانخفاض في قيمة الصفقات كل من قطاعي السوق السكني والتجاري، إلا أن نسبة الانخفاض جاءت أكبر لدى القطاع التجاري، الذي سجل انخفاضا في قيمة الصفقات الأسبوعية وصل إلى 65.0 في المائة، لتستقر قيمتها بنهاية الأسبوع عند أدنى من 1.9 مليار ريال، فيما سجلت صفقات القطاع السكني نسبة انخفاض بلغت 12.4 في المائة، لتستقر بدورها قيمة صفقات القطاع بنهاية الأسبوع عند أدنى من 3.6 مليار ريـال.
أما على مستوى عدد العقارات السكنية المبيعة خلال الأسبوع، فقد سجلت ارتفاعها الأول بعد أسبوعين من الانخفاض بنسبة 7.7 في المائة، مقارنة بانخفاضها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 2.4 في المائة، لتستقر مع نهاية الأسبوع عند مستوى 4689 عقارا مبيعا، ووفقا لمعدله الأسبوعي للعام الجاري (4296 عقارا مبيعا)؛ ولا يزال الأدنى مقارنة بالمعدلات المماثلة طوال الفترة 2012-2015 التي راوحت معدلاتها الأسبوعية بين المعدل الأعلى المسجل خلال عام 2014 عند مستوى 5773 عقارا مبيعا (بلغت نسبة انخفاض المعدل الأسبوعي للعام الجاري مقارنة بالمعدل الأعلى للفترة نحو 25.6 في المائة)، والمعدل الأدنى لتلك الفترة خلال عام 2012 عند مستوى 4793 عقارا مبيعا (بلغت نسبة انخفاض المعدل الأسبوعي للعام الجاري مقارنة بالمعدل الأدنى للفترة نحو 10.4 في المائة).
أما على مستوى تفاصيل مبيعات العقارات السكنية خلال الأسبوع الماضي، فقد أظهرت تركز الانخفاض في كل من البيوت والفلل السكنية، اللتين سجلتا انخفاضا بلغت نسبتاه حسب الترتيب 25.4 في المائة ونحو 17.5 في المائة على التوالي، فيما سجلت بقية أنواع العقارات ارتفاعات خلال الأسبوع، بلغت للأراضي الزراعية نحو 5.6 في المائة، وللشقق السكنية 7.7 في المائة، وللعمائر السكنية 36.8 في المائة، ولقطع الأراضي السكنية 8.8 في المائة. لبقية التفاصيل (انظر الجزء الأوسط من الجدول رقم (1) الاتجاهات الأسبوعية للعقار السكني والتجاري).

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي