لمن الاختصاص في منازعات التمويل بالهامش؟
صدرت أخيرا عدة تعاميم من الجهات الرقابية والإشرافية على المصارف التجارية والأشخاص المرخص لهم وذلك بوضع ضوابط معينة تتعلق بمعاملات التمويل بالهامش الخاصة بالأسهم المحلية، أبرز ما جاء في هذه الضوابط نقل نشاط وتمويل المتاجرة بالهامش من المصارف ليصبح من خلال الأشخاص المرخص لهم أي الشركات الاستثمارية المرخص لها من قبل هيئة السوق المالية وبحيث يحظر على المصارف تمويل وتنفيذ مثل هذه الصفقات وذلك خلال مدة أقصاها نهاية الربع الأول من العام الميلادي الجديد 2017.
إن هذا الترتيب يثير تساؤلا مهما حول الاختصاص القضائي في حال حدوث منازعات حول التمويل وعملياته أي الخلاف فيما بين العميل والشخص المرخص له "الشركة".
وقبل بحث هذه المسألة أود أن ألفت نظر القارئ الكريم إلى أن الاختصاص القضائي بنظر مثل هذه المنازعات أي المنازعات حول التمويل بالهامش ينعقد للجنة تسوية المنازعات المصرفية منذ عام 1987 وذلك استنادا إلى الأمر السامي الكريم رقم 729/ 8 وتاريخ 10/ 7/ 1407هـ وأخيرا الأمر الملكي البرقي رقم 37441 وتاريخ 11/ 8/ 1433هـ، حيث تقوم اللجنة بنظر مثل هذه القضايا باعتبار أن النزاع مصرفي أحد أطرافه مصرف وذلك استنادا إلى الأمر السامي رقم 729/ 8 وتاريخ 10/ 7/ 1407هـ، حيث أرست اللجنة المصرفية قبل إنشاء لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية عدة مبادئ حول مسؤولية المصرف عن أخطاء موظفيه بوحدات تداول الأسهم المحلية، وتوقيع أوامر بيع الأسهم على بياض، والتأخر في بيع الأسهم المرهونة وما ينتج عنه من ضرر للعميل، المصادقة على توقيع العميل في أمر بيع أسهم بموجب توقيع مزور، تقاعس المصرف عن بيع الأسهم في التاريخ المحدد من العميل وغيرها.
وعلى الرغم من أن لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية التي باشرت أعمالها بتاريخ 7/ 11/ 1425هـ. استنادا إلى قرار مجلس هيئة السوق المالية - قد تصدت في عامها الأول إلى قضايا الأوراق المالية "الأسهم" التي تباع لسداد المديونيات الناشئة عن التمويل المتعلق بالمتاجرة بالهامش، إلا أن لجنة الاستئناف في منازعات الأوراق المالية قد قامت بتصحيح الوضع ليكون اختصاص لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية مقصورا على المنازعات المتعلقة بالأوراق المالية غير المرتبطة بتسهيلات أو تمويل أي المنازعات الناتجة عن الأخطاء التشغيلية Operational errors، وحيث يكون الاختصاص منعقدا للجنة تسوية المنازعات المصرفية في كل ما يتعلق بقضايا المتاجرة بالأسهم مقابل تسهيلات مصرفية. ولا شك أن توجه لجنة الاستئناف كان منسجما مع الأمر السامي رقم 729/ 8 وتاريخ 10/ 7/ 1407هـ، كما أن الأمر الملكي البرقي الصادر بتاريخ 11/ 8/ 1433هـ، قد أكد وعزز اختصاص لجنة المنازعات المصرفية بالفصل في المنازعات المصرفية الأصلية والمنازعات المصرفية بالتبعية. ويعد نشاط تمويل عملاء الصفقات بهامش التغطية أحد الأعمال المصرفية بالتبعية، وعليه فإنه لا يكون للجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية اختصاص بنظر أية قضايا تتعلق بتمويل عمليات المتاجرة بالأسهم "عدا الأخطاء التشغيلية"، وإن كان الشخص المرخص له "المقرض" ليس بنكا تجاريا استنادا للأمر الملكي البرقي المشار إليه أعلاه، الذي وسع من اختصاص لجنة المنازعات المصرفية خلافا لما كان عليه في السابق، من حيث وجوب أن يكون العمل مصرفيا والقائم به بنك تجاري وليس بنك استثمار أو بنكا متخصصا كصندوق التنمية الصناعي مثلا (للمزيد حول هذا، فضلا مطالعة مقالنا المنشور في مجلة "تجارة الرياض" العدد 397 السنة الرابعة والثلاثون ـ تشرين الأول (أكتوبر) 1995، جمادى الأولى 1416هـ بعنوان "الاختصاص القضائي في القضايا المصرفية في المملكة")، ولا شك أن استمرار الاختصاص للجنة المنازعات المصرفية بنظر قضايا التمويل بالهامش عدا الأخطاء التشغيلية ذو فوائد إيجابية وعملية للمقرض والمقترض استنادا إلى ما تملكه لجنة المنازعات المصرفية من خبرة وتخصص في مثل هذه القضايا اكتسبته خلال الـ 29 عاما الماضية حيث أرست خلالها عديدا من المبادئ القضائية الراسخة ولا يتبقى الآن استعدادا لنقل نشاط المتاجرة بالهامش إلى الأشخاص المرخص لهم سوى تعديل العقود من جانب الأشخاص المرخص لهم والمستندات لتكون منسجمة مع التعاميم الصادرة من الجهات الإشرافية والرقابية.
والله الموفق.