قراءة في قائمة أكبر 100 شركة

أصدرت "الاقتصادية" قائمة أكبر 100 شركة سعودية في العام الجاري 2016، بناء على ثلاثة معايير: الإيرادات والأصول وحقوق الملكية. وأعطت القائمة أرقام هذه المعايير وكذلك صافي الأرباح ورأس المال لعام 2015. ويلحظ أن التغيرات في القائمة مقارنة بقائمة 2015 بسيطة، فمثلا حافظت الشركات صاحبة المراكز السبعة الأولى على مراكزها، وقرابة 90 في المائة من القائمة شركات مدرجة في سوق الأسهم السعودية. طبعا "أرامكو" أصلا غير داخلة في القائمة.
ما الشركات العشر الأولى؟ تربعت "سابك" على رأس القائمة، بإيرادات 150 مليار ريال تقريبا، وصافي ربح قرابة 20 مليار ريال. يليها البنك الأهلي بإيرادات 20 مليار ريال وصافي ربح يقارب نصف الإيرادات، ثم الشركة السعودية للكهرباء بإيرادات 42 مليارا، ولكن بصافي أرباح قرابة مليار ونصف المليار. وبقية العشر بالترتيب مصرف الراجحي بإيرادات 14 مليارا، وصافي أرباح سبعة مليارات. فشركة الاتصالات السعودية بإيرادات 51 مليارا، وصافي أرباح تسعة مليارات. فمجموعة سامبا، فبنك الرياض، فالبنك السعودي البريطاني، فالبنك السعودي الفرنسي، فالبنك العربي الوطني بإيرادات ستة مليارات ونصف المليار وأرباح صافية ثلاثة مليارات. أي أن سبعة مصارف ضمن أكبر عشر شركات.
لا تفيد القائمة في معرفة مدى العلاقة والارتباط بين الإيرادات والربح ورأس المال، لاختلاف طبيعة أنشطة الشركات، واختلاف درجة تدخل الحكومة ونسبة ملكيتها. إن معرفة طبيعة هذه العلاقة تتطلب تحليلا إحصائيا اقتصاديا قياسيا، يقارن الوضع في دول أخرى. ولكن لدينا ملحوظات على السريع.
أولى الملحوظات أن بضع شركات خاسرة على رأسها شركة رابغ للتكرير والبتروكيماويات، إيراداتها نحو 26 مليار ريال ولكن بخسارة قرابة 800 مليون ريال، ثم شركة التصنيع الوطنية بإيرادات 15 مليار ريال وخسارة مليار ونصف المليار تقريبا، وشركة اتحاد اتصالات "موبايلي" بإيرادات قرابة 15 مليار ريال وخسارة مليار تقريبا. خسارة هذه الشركات تتطلب تقصيا وبحثا في الأسباب، وبالأخص الشركات الصناعية، فالمساعي لتنويع وتعميق مصادر دخل اقتصادنا الوطني وتحقيق "رؤية 2030" تتطلب تفهم أسباب خسارة الشركات الصناعية أولا وباقي الشركات ثانيا.
ثاني الملحوظات أن المصارف هي الأعلى ربحية مقارنة بالإيرادات أو رأس المال، وقد حققت أرباحا تقارب نصف إيراداتها وتزيد في المتوسط وفي غالبية المصارف على ثلث رأسمالها. مصرفا الرياض والإنماء حققا أرباحا منخفضة نسبيا مقارنة برؤوس أموالهما. وهناك أكثر من تفسير لارتفاع ربحية المصارف، منها أن عددها قليل، وعليه فإنها سوق ليست تنافسية كما ينبغي. في المملكة 12 مصرفا وطنيا، وعدد قليل من مصارف مرخصة غير سعودية بفروع قليلة. وخلال السنوات العشر الماضية لم يرخص لأي مصرف وطني جديد، بعد الترخيص للإنماء، إذا اعتبرنا أن قيام بنك البلاد جاء نتيجة تحويل أو تطوير مؤسسات صرافة قائمة. مقارنة، يوجد في الإمارات عشرات المصارف، وفي بريطانيا مئات، أما في أمريكا فعددها بالآلاف.
ثالث الملحوظات أن شركات التأمين إما رابحة أرباحا هزيلة نسبة إلى إيراداتها ورؤوس أموالها أو خاسرة، وحسب علمي، اهتمت مؤسسة النقد بدراسة أوضاع شركات التأمين.
رابعها، أن ربحية شركات التجزئة منخفضة نسبيا مقارنة بحجم الإيرادات، على خلاف ما يتوهمه كثيرون. مثلا، أسواق العثيم ربحت 230 مليون ريال، من إيرادات تجاوزت ستة مليارات ريال. في المقابل، ربحت مكتبة جرير قرابة 800 مليون ريال من إيرادات قاربت ستة مليارات ونصف المليار.
خامسها، أن الشركات الصناعية تشكل نسبة معتبرة من المائة شركة، وبقية الشركات موزعة في نشاطاتها في الغالب بين عقارية وزراعية وتقنية واتصالات.
سادس ملحوظة وربما كانت أهمها أنه لا توجد شركة صناعية خلاف سابك ضمن أكبر عشر شركات. نحن بحاجة إلى قيام شركات صناعية عملاقة في بنائها وفي أدائها، وينبغي أن تركز أكثر على استغلال موارد المملكة أو تقلل من فاتورة الاستيراد. أي أنه يفترض أن تكون هذه الشركات مفتاحا من مفاتيح تحقيق "رؤية 2030".

مقترحات متعلقة بالقائمة
يقترح مستقبلا أن تخرج قوائم تقارن بين الشركات أيها أفضل بصفة عامة. ربما يكون تحقيق ذلك صعبا، لأنه يعتمد من ضمن ما يعتمد على أخذ مرئيات الجمهور وموظفي الشركات. وتستخدم عادة معايير مثل الرضا بالخدمة والرضا الوظيفي، وضغط العمل والقدرة على التواصل والرواتب.
ومن الممكن أيضا عمل قائمة بأفضل الشركات من جوانب أخرى كالمسؤولية الاجتماعية والأهمية والرضا المجتمعي وتوفير أفضل خدمة. ويتطلب الأمر وضع معايير جيدة. وفي هذا، من المقترح وضع قائمة بأفضل الشركات فيما يمكن أن نسميه ممارسة المواطنة، ليس في توظيف السعوديين فحسب، بل في تطوير أدائهم أيضا، وفي قدر اعتمادها على الموارد المحلية من بشرية وغير بشرية.
من أهم المقترحات عمل قائمة بأفضل 100 شركة صغيرة ومتوسطة. هذا ليس بدعا من القول فدول أخرى تضع قوائم للشركات الصغيرة. ومقترح أن تدعم هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة هذا المقترح. يمكن أن يكون أحد معايير اختيار هذه الشركات أن تكون المبيعات السنوية لا تقل عن خمسة ملايين ولا تزيد على 100 مليون. مجرد رأي.
وأختم هذه المقالة بنقطة متعلقة بحوكمة الشركات. إن تأسيس الشركات ليس بالصعب، ولكن الأصعب يكمن في جوانب على رأسها إسهامها في إعلاء القيمة المضافة وفي توطين المهن وفي الحوكمة وتعزيز الممارسات الداخلية للشركات للمحافظة على مستوى مرتفع من الحوكمة ورضا المستفيدين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي