المساواة الاقتصادية بين المرأة والرجل .. وعلم الاجتماع (2)
إكمالا لمقال الأسبوع الماضي، يرى البعض أن مساواة المرأة بالرجل موضوع تغريبي ويتحججون بأن الإسلام كفل حقوق المرأة، وأنا بدوري أرد بأن المشكلة ليست فيما شرعه الإسلام بل في التطبيق والتنفيذ.
وحيث إن موضوع الطلاق ليس محور المقال فإني انتقل بالحديث إلى الطبقة المتوسطة وكيف أن ارتفاع دخل المرأة يسهم في النهوض بمستوى الحراك الاجتماعي. ويعرف الحراك الاجتماعي Social Mobility بالتحرك من فئة أو شريحة اجتماعية إلى فئة أو شريحة أخرى، ويسعى الفرد الطبيعي خاصة من شرائح الدخل المتوسط بالحراك إلى شرائح الدخل الأعلى وبالتالي ينتهي في الأغلب بتغير في محيطه الاجتماعي ومتطلباته الحياتية والاقتصادية.
ووفقا للكاتب "رضوان أبو حطب" فالحراك الاجتماعي الحقيقي يعبر عن ديناميكية المجتمع وتغيره واستجابته لكل التغيرات، التي تحدث نتيجة تغير نوع العلاقات الاجتماعية وتقريب الفوارق الطبقية.
ومنذ كتابة الجزء الأول لهذا المقال الأسبوع الماضي تم الإعلان عن الموازنة السعودية للعام المقبل إضافة إلى ميزانية العام الحالي وبدأ الفرد العادي الانغماس في قراءة التفاصيل ومحاولة تعلم العبارات الاقتصادية والمالية الجديدة لأول مرة لاعتقادهم بأن هذه الأرقام ستؤثر فعليا في اقتصاديات أسرهم وخططهم المالية في الفترة المقبلة، وهذا ما سيحدث بالفعل.
ووفقاً للإحصاءات الأمريكية فإن فجوة الدخل بين طبقات المجتمع ارتفعت بسرعة خلال الـ 30 سنة الماضية خاصة لمصلحة الشرائح الواقعة في أعلى الهرم. ومن المعروف أن إجراء الدراسات المجتمعية يتطلب مهارات بحثية وعلمية في التخصص نفسه.
ما يهمني حقيقة هو أن دور علماء الاجتماع وخريجيه شبه غائب تماما فتجد خريج قسم الاجتماع يقوم بوظائف إدارية في أي منشأة أو يكمل دراسات عليا ليعود ويدرس في التخصص نفسه الذي يسهم في تخريج مزيد من الباحثين عن وظائف. تعج جامعاتنا بأقسام الاجتماع التي لا يستفاد منها غالبا رغم أن علماءه في الدول الكبرى مشغولون بدراسة الظواهر الاقتصادية والسياسية وأثرها في المجتمع ويضعون التصورات لهيكلية المجتمع في المستقبل، ويُعتد بنظرياتهم في مجال سلوكيات المستهلك والمستثمر والاقتصاد الجزئي خاصة.
سواء كانت القضايا تتعلق بالمرأة أو الحراك الاجتماعي أو أي ظاهرة اقتصادية مثل الميزانية وأثرها في المجتمع فإننا نلاحظ غيابا وصمتا تاما لعلماء الاجتماع - الذين قد يعملون بصمت خلف الكواليس – لكن من المهم أن يقوموا بدراسة فورية للمجتمع خاصة إثر صدور الميزانية وما تحمله من تغييرات مالية تمس أفراد المجتمع مباشرة.
إضافة إلى ذلك فرأيهم يستفاد منه في التصريحات الإعلامية الداخلية والخارجية لأنه يستند على علم وفهم لطبيعة المجتمع والبلاد وليس مرئيات مسؤول لم يدرس هذا العلم.
أقترح كذلك أن تتم الاستعانة بعلماء الاجتماع في الحقل الدبلوماسي لما لدورهم من أهمية في تفسير الحقائق المجتمعية بشكل يواكب تطورات ومفاهيم المجتمع الدولي.